العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

الترغيب والترهيب

من‭ ‬العادات‭ ‬الجميلة‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تداوله‭ ‬مؤخرا‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتي‭ ‬توقفت‭ ‬عندها‭ ‬كثيرا‭ ‬أنهم‭ ‬إذا‭ ‬دخلوا‭ ‬المسجد‭ ‬ورأوا‭ ‬حذاء‭ ‬صغيرا‭ ‬على‭ ‬بابه،‭ ‬فإنهم‭ ‬يضعون‭ ‬فيه‭ ‬نقودا،‭ ‬فإذا‭ ‬خرج‭ ‬الطفل‭ ‬صاحب‭ ‬الحذاء‭ ‬ليرتديه‭ ‬يجد‭ ‬النقود‭ ‬ويفرح‭ ‬بها،‭ ‬وبذلك‭ ‬يتم‭ ‬تشجيعه‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يداوم‭ ‬على‭ ‬الصلاة،‭ ‬كما‭ ‬يزيد‭ ‬قلبه‭ ‬تعلقا‭ ‬بالمسجد‭. ‬

الفكرة‭ ‬أعجبتني،‭ ‬لأنها‭ ‬ببساطة‭ ‬تعوّد‭ ‬وتكرس‭ ‬نظرية‭ ‬الترغيب‭ ‬وليس‭ ‬الترهيب،‭ ‬والتي‭ ‬ما‭ ‬أحوجنا‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الزمان،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لخصه‭ ‬الداعية‭ ‬السوري‭ ‬المعاصر‭ ‬د‭. ‬محمد‭ ‬راتب‭ ‬النابلسي‭ ‬حين‭ ‬قال‭:‬

‮«‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬الله‭.. ‬الإحسان‭ ‬قبل‭ ‬البيان‭.. ‬الترغيب‭ ‬قبل‭ ‬الترهيب‮»‬‭!‬

ليبقى‭ ‬السؤال‭ ‬المهم‭ ‬مطروحا‭:‬

ماذا‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬الخطاب‭ ‬الموجه‭ ‬إلى‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬الغالب‭ ‬عليه‭ ‬هو‭ ‬العقاب‭ ‬والوعيد؟‭ ‬وماذا‭ ‬نتوقع‭ ‬منه‭ ‬إن‭ ‬تعرض‭ ‬دائما‭ ‬للتهديد‭ ‬والترهيب‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬أو‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬أو‭ ‬المجتمعية‭ ‬بشكل‭ ‬عام؟‭!‬

يقول‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭: (‬إن‭ ‬ربك‭ ‬سريع‭ ‬العقاب‭ ‬وإنه‭ ‬لغفور‭ ‬رحيم‭)!‬

إنه‭ ‬كلام‭ ‬صريح‭ ‬وواضح‭ ‬لانتهاج‭ ‬أسلوب‭ ‬الثواب‭ ‬والعقاب،‭ ‬والذي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أنجع‭ ‬الطرق‭ ‬لتحفيز‭ ‬السلوكيات‭ ‬المرغوبة،‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬التوازن‭ ‬لإعلاء‭ ‬مبدأ‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬التعامل،‭ ‬فلا‭ ‬عقاب‭ ‬مفرط،‭ ‬ولا‭ ‬ثواب‭ ‬مفرط،‭ ‬إنه‭ ‬الاعتدال‭ ‬والوسطية‭ ‬يا‭ ‬سادة،‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬أوصانا‭ ‬به‭ ‬ديننا‭ ‬الحنيف‭.‬

إن‭ ‬الترغيب‭ ‬والترهيب‭ ‬يعتبران‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الأساليب‭ ‬التي‭ ‬تضمنتها‭ ‬الآية‭ ‬الكريمة،‭ ‬وهما‭ ‬طريقتان‭ ‬ناجعتان‭ ‬للتربية‭ ‬وإصلاح‭ ‬النفس،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬الترغيب‭ ‬منهج‭ ‬للحث‭ ‬والتحفيز،‭ ‬وأن‭ ‬الترهيب‭ ‬منهج‭ ‬للتخويف‭ ‬والخشية‭. ‬

مؤخرا‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬أكد‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭ ‬جمعة‭ ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬أن‭ ‬الوزارة‭ ‬تضع‭ ‬ضمن‭ ‬قمة‭ ‬أولوياتها‭ ‬العناية‭ ‬باللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وتدريسها‭ ‬للطلبة‭ ‬بشكل‭ ‬فاعل،‭ ‬وتحبيبهم‭ ‬فيها‭ ‬عبر‭ ‬مختلف‭ ‬الوسائل‭ ‬التعليمية،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬إتقان‭ ‬هذه‭ ‬اللغة‭ ‬لدى‭ ‬الطلبة‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬الدراسية‭ ‬الأولى‭ ‬فقد‭ ‬خصصت‭ ‬الوزارة‭ ‬حصصا‭ ‬أسبوعية‭ ‬لتعليم‭ ‬وتلاوة‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬لطلبة‭ ‬الحلقة‭ ‬الأولى‭ ‬باعتبار‭ ‬ذلك‭ ‬أفضل‭ ‬السبل‭ ‬لتعزيز‭ ‬المهارات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭.‬

وأضاف‭ ‬الوزير‭ ‬أن‭ ‬الوزارة‭ ‬تحتفي‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬المخصص‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتربية‭ ‬والعلم‭ ‬والثقافة‭ (‬اليونسكو‭) ‬في‭ ‬18‭ ‬ديسمبر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬شعار‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬اختير‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬العربية‭ ‬لغة‭ ‬الشعر‭ ‬والفنون‮»‬‭ ‬في‭ ‬دليل‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬الإرث‭ ‬والمخزون‭ ‬الثقافي‭ ‬الذي‭ ‬قدمته‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬للأدب‭ ‬العالمي‭.‬التحبيب‭ ‬والترغيب‭ ‬والتزيين‭ ‬والتشجيع‭ ‬والحث‭ ‬والحض‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المترادفات‭ ‬هي‭ ‬أفضل‭ ‬لغة‭ ‬للتخاطب‭ ‬مع‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الدين‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬الدراسة‭ ‬أو‭ ‬التربية‭ ‬أو‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الآخر،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬صناعة‭ ‬جيل‭ ‬من‭ ‬الأسوياء‭ ‬والأصحاء‭.‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا