العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الكواليس

وفاء جناحي

waffajanahi@gmail.com

وحوش ليسوا بشرا!

نعم‭ ‬عالم‭ ‬التيك‭ ‬توك‭ ‬والسوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬جعلنا‭ ‬نكتشف‭ ‬بل‭ ‬نتأكد‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬وسط‭ ‬وحوش‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬بشر‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الإحساس‭ ‬والضمير‭ ‬البشري،‭ ‬متعتهم‭ ‬الوحيدة‭ ‬هي‭ ‬أذية‭ ‬وجرح‭ ‬الناس‭ ‬بأقبح‭ ‬وأبشع‭ ‬الكلام‭ ‬بلا‭ ‬أدنى‭ ‬سبب،‭ ‬يكفي‭ ‬ألا‭ ‬يعجبهم‭ ‬شكل‭ ‬أو‭ ‬كلام‭ ‬أو‭ ‬أسلوب‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬حتى‭ ‬يبثوا‭ ‬سمومهم‭ ‬وأحقادهم‭ ‬في‭ ‬وجهه‭ ‬لتدميره‭.‬

الفنانة‭ ‬والمذيعة‭ ‬الراقية‭ ‬نجوى‭ ‬إبراهيم،‭ ‬قدمت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفن‭ ‬الراقي‭ ‬والبرامج‭ ‬الجميلة‭ ‬والممتعة،‭ ‬فنانة‭ ‬محترمة‭ ‬كبرنا‭ ‬ونحن‭ ‬نشاهد‭ ‬أعمالها‭ ‬منذ‭ ‬الصغر،‭ ‬انصعقت‭ ‬المسكينة‭ ‬منذ‭ ‬أسبوعين‭ ‬وهي‭ ‬تقدم‭ ‬برودكاست‭ ‬محتواه‭ ‬كله‭ ‬أمل‭ ‬وتفاؤل‭ ‬وحب‭ ‬بكم‭ ‬من‭ ‬الشتائم‭ ‬والألفاظ‭ ‬الخارجة‭ ‬والكلمات‭ ‬الجارحة‭ ‬لشخصها‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬وحوش‭ ‬بشرية‭ ‬حقودة‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬أحدهم‭ ‬قال‭ ‬لها‭ ‬بكل‭ ‬وقاحة‭: ‬‮«‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تموتين‭ ‬بعيدا‭ ‬عنا‭ ‬وتطلين‭ ‬علينا‭ ‬بهذه‭ ‬الابتسامة‭ ‬يا‭ ‬أيتها‭ ‬العجوز‭ ‬الشمطاء،‭ ‬أنت‭ ‬أصلا‭ ‬رجل‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬ورجل‭ ‬في‭ ‬القبر،‭ ‬أموت‭ ‬واعرف‭ ‬سبب‭ ‬تشبثك‭ ‬بالحياة؟‮»‬‭. ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أنها‭ ‬مازالت‭ ‬جميلة‭ ‬ورقيقة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الوحش‭ ‬الحاقد‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يسمع‭ ‬الحب‭ ‬أو‭ ‬يشاهد‭ ‬الجمال،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬قلبه‭ ‬وعينه‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬إلا‭ ‬السواد‭ ‬البشع‭.‬

انصدمت‭ ‬الفنانة‭ ‬نجوى‭ ‬وظهرت‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬حزينة،‭ ‬ومنهارة‭ ‬تستنكر‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬من‭ ‬الكره‭ ‬والبشاعة،‭ ‬وقالت‭: ‬نعم‭ ‬أنا‭ ‬عجوزة‭ ‬وفي‭ ‬الثمانين‭ ‬من‭ ‬عمري‭ ‬ومريضة‭ ‬وأتعالج‭ ‬من‭ ‬مرض‭ ‬السرطان،‭ ‬نعم‭ ‬أيامي‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬معدودة‭ ‬ولكنني‭ ‬أحببت‭ ‬أن‭ ‬أطل‭ ‬عليكم‭ ‬وأكون‭ ‬معكم‭ ‬وأقدم‭ ‬لكم‭ ‬المحتوى‭ ‬الجميل‭ ‬الذي‭ ‬فيه‭ ‬الأمل‭ ‬والتفاؤل‭ ‬وحب‭ ‬الحياة،‭ ‬ولم‭ ‬أكن‭ ‬أرغب‭ ‬أبدا‭ ‬أن‭ ‬أبين‭ ‬لكم‭ ‬الجانب‭ ‬الحزين‭ ‬والسيئ‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬ومدى‭ ‬تعبي‭ ‬ومعاناتي‭ ‬مع‭ ‬المرض،‭ ‬ولكنكم‭ ‬جعلتموني‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬أحزن‭ ‬وأبين‭ ‬ضعفي‭ ‬لكم‭ ‬لكي‭ ‬ترحموني‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التعليقات‭ ‬البشعة‭!‬

في‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬وقف‭ ‬معها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬الطبيعيين‭ ‬والإعلامين‭ ‬الذين‭ ‬استنكروا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬معها‭ ‬من‭ ‬الوحوش،‭ ‬ولكنها‭ ‬عادت‭ ‬بعدها‭ ‬بيومين‭ ‬فقط‭ ‬أجمل‭ ‬وأقوى‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬لتعتذر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬محبيها‭ ‬لأنها‭ ‬عكرت‭ ‬مزاجهم‭ ‬وفضفضت‭ ‬عن‭ ‬مرضها،‭ ‬وأنها‭ ‬لم‭ ‬تقصد‭ ‬أبدا‭ ‬أن‭ ‬تستعطف‭ ‬أو‭ ‬تشارك‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬أحزانها؛‭ ‬لأن‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬له‭ ‬مشاكله‭ ‬وأحزانه‭ ‬الخاصة‭ ‬فلماذا‭ ‬يتحمل‭ ‬أحزانها‭ ‬أيضا‭. ‬كانت‭ ‬تتكلم‭ ‬بكل‭ ‬رقي‭ ‬وإحساس‭ ‬جميل‭ ‬ومحب‭ ‬خجلانة‭ ‬أنها‭ ‬انهارت‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬بسيطة‭ ‬شتمتها‭ ‬مع‭ ‬علمها‭ ‬بوجود‭ ‬ملايين‭ ‬يحبونها‭.‬

سؤال‭ ‬لكل‭ ‬وحش‭ ‬يكتب‭ ‬أو‭ ‬يشتم‭ ‬الناس‭: ‬ماذا‭ ‬تستفيد‭ ‬عندما‭ ‬تكسر‭ ‬قلب‭ ‬إنسان‭ ‬لم‭ ‬يفعل‭ ‬لك‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬ولم‭ ‬يضرك‭ ‬أبدا؟‭ ‬

لا‭ ‬يعجبك‭ ‬محتواه‭ ‬أو‭ ‬كلامه‭ ‬أو‭ ‬حسابه‭ ‬وشخصيته‭ ‬لا‭ ‬تتابعه‭ ‬وكف‭ ‬خيرك‭ ‬وشرك‭ ‬عنه‭.‬

أتمنى‭ ‬ألا‭ ‬ينسى‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬أو‭ ‬يتفوه‭ ‬بحرف‭ ‬أن‭ ‬الكلمة‭ ‬الطيبة‭ ‬صدقة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"وفاء جناحي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا