العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

وقفات غزاوية

{‭ ‬تداولت‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬مشهدا‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬الكثيرون‭ ‬تخطيه،‭ ‬وكان‭ ‬لطفل‭ ‬يأكل‭ ‬المصاص‭ ‬بكل‭ ‬براءة،‭ ‬ومن‭ ‬أمامه‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬خطوات‭ ‬قليلة‭ ‬جثث‭ ‬الشهداء‭ ‬ملقاة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬سينشأ‭ ‬عليه‭ ‬هذا‭ ‬الجيل،‭ ‬صمود‭ ‬عجيب‭ ‬وغريب‭ ‬أمام‭ ‬دماء‭ ‬وجثث‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬ملقاة‭ ‬على‭ ‬الأسفلت،‭ ‬ليس‭ ‬تبلدا‭ ‬كما‭ ‬يعتقد‭ ‬البعض،‭ ‬وانما‭ ‬هو‭ ‬الاعتياد‭ ‬يا‭ ‬سادة،‭ ‬فماذا‭ ‬نتوقع‭ ‬من‭ ‬أطفال‭ ‬أصبحت‭ ‬لعبتهم‭ ‬الرائجة‭ ‬هي‭ ‬لعبة‭ ‬الشهيد،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬لعبة‭ ‬الحجلة‭ ‬أو‭ ‬البنانير‭ ‬أو‭ ‬علبة‭ ‬كبريت‭ ‬أو‭ ‬نط‭ ‬الحبل‭ ‬أو‭ ‬الغماية‭ ‬أو‭ ‬السبع‭ ‬حجار‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الألعاب‭ ‬الشعبية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬دفنت‭ ‬تحت‭ ‬التراب‭ ‬مع‭ ‬جثث‭ ‬الشهداء؟‭! ‬

{‭ ‬أعلن‭ ‬مغني‭ ‬الراب‭ ‬الأمريكي‭ ‬كيد‭ ‬كادي‭ ‬تأجيل‭ ‬أغانيه‭ ‬المقبلة‭ ‬تضامنا‭ ‬مع‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬مطول‭ ‬عبر‭ ‬انستجرام‭ ‬قال‭ ‬فيه‭: ‬‮«‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصائب‭ ‬أن‭ ‬أنشر‭ ‬الموسيقى‭ ‬الخاصة‭ ‬بي‭ ‬وأدعي‭ ‬أن‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬يحترق‭.. ‬وأن‭ ‬آلاف‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬يقتلون‮»‬،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يراه‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬يكسر‭ ‬القلب‭!‬

حقا،‭ ‬حين‭ ‬يشهد‭ ‬شاهد‭ ‬من‭ ‬أهلها‭ ‬يختلف‭ ‬الأمر‭ ‬وتتبدل‭ ‬المشاعر‭!‬

{‭ ‬قال‭ ‬العميد‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬دينة‭ ‬مدير‭ ‬عام‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للإعلام‭ ‬والثقافة‭ ‬الأمنية‭ ‬بوزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬إن‭ ‬المنصة‭ ‬الوطنية‭ ‬للحماية‭ ‬المدنية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إطلاقها‭ ‬مؤخرا‭ ‬تزامنا‭ ‬مع‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مرجعا‭ ‬دائما،‭ ‬وقاعدة‭ ‬معرفية‭ ‬وتوعوية‭ ‬حول‭ ‬الحماية‭ ‬المدنية،‭ ‬وهي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬ترسيخ‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬إثارة‭ ‬أي‭ ‬مشاعر‭ ‬للهلع‭ ‬أو‭ ‬الخوف‭ ‬لدى‭ ‬المتلقي،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬ما‭ ‬تشهده‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬من‭ ‬صراعات‭.‬

فهل‭ ‬وصلت‭ ‬الرسالة‭ ‬إلى‭ ‬مروجي‭ ‬الشائعات‭ ‬لبث‭ ‬الرعب‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الآمنين؟‭!‬

{‭ ‬وجه‭ ‬الناشط‭ ‬السياسي‭ ‬والصحفي‭ ‬الإيطالي‭ ‬والبرلماني‭ ‬السابق‭ ‬اليساندرو‭ ‬دي‭ ‬باتيستا‭ ‬سؤالا‭ ‬للغرب‭ ‬الصامت‭ ‬عن‭ ‬الحق،‭ ‬حبذا‭ ‬لو‭ ‬تلقينا‭ ‬جميعا‭ ‬إجابة‭ ‬عنه‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭:‬

ما‭ ‬هذا‭ ‬التبلد‭ ‬العاطفي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يطاق‭ ‬تجاه‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬على‭ ‬أراضي‭ ‬غزة؟‭! ‬

عليكم‭ ‬أن‭ ‬تخجلوا‭ ‬وتشعروا‭ ‬بالعار‭!.‬

ولا‭ ‬إضافة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬قاله‭.. ‬فخير‭ ‬الكلام‭ ‬ما‭ ‬قلّ‭ ‬ودلّ‭!‬

{‭ ‬تشير‭ ‬الاحصائيات‭ ‬نقلا‭ ‬عن‭ ‬أرقام‭ ‬أولية‭ ‬لوزارة‭ ‬المالية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكلفة‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬تخوضها‭ ‬إسرائيل‭ ‬ستبلغ‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬51‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭!‬

الأمر‭ ‬العجيب‭ ‬والشاذ‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬غالبية‭ ‬حساباتهم‭ ‬تتحدث‭ ‬فقط‭ ‬عن‭ ‬الخسائر‭ ‬المالية‭ ‬وليس‭ ‬البشرية،‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬العجب؟‭ ‬فالأرواح‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليهم‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لها‭ ‬أمام‭ ‬سعار‭ ‬الانتقام‭ ‬الذي‭ ‬أصابهم‭.‬

{‭ ‬يقول‭ ‬أب‭ ‬من‭ ‬غزة‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬فعلت‭ ‬أغرب‭ ‬شيء‭ ‬اليوم،‭ ‬تبادلت‭ ‬مع‭ ‬أخي‭ ‬أطفالنا،‭ ‬أعطيته‭ ‬اثنين‭ ‬من‭ ‬أطفالي،‭ ‬وأخذت‭ ‬اثنين‭ ‬من‭ ‬أطفاله،‭ ‬وبهذا‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬تفجير‭ ‬منزلي‭ ‬ينجو‭ ‬لي‭ ‬ولد،‭ ‬وإن‭ ‬قاموا‭ ‬بتفجير‭ ‬منزله‭ ‬يظل‭ ‬له‭ ‬طفل‭ ‬حي‮»‬‭.‬

بصراحة‭ ‬لا‭ ‬أجد‭ ‬تعليقا‭ ‬يفي‭ ‬بما‭ ‬شعرت‭ ‬به‭ ‬عند‭ ‬قراءة‭ ‬هذه‭ ‬الرسالة‭.‬

{‭ ‬ظهرت‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬جدّة‭ ‬وخالة‭ ‬الطفل‭ ‬الشهيد‭ ‬يوسف‭ ‬الجميل‭ ‬الأبيض‭ ‬ذو‭ ‬الشعر‭ ‬الكيرلي‭ (‬كما‭ ‬تم‭ ‬وصفه‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭) ‬في‭ ‬أحد‭ ‬البرامج‭ ‬التلفزيونية‭ ‬وهما‭ ‬تنعيانه‭ ‬وتبكيانه،‭ ‬فبكينا‭ ‬معهما‭ ‬جميعا،‭ ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬استوقفني‭ ‬كثيرا‭ ‬مقولة‭ ‬الخالة‭ ‬بأن‭ ‬دعونا‭ ‬نقول‭ ‬يوسف‭ (‬الله‭ ‬رحمه‭) ‬وليس‭ (‬الله‭ ‬يرحمه‭) ‬فاستشهاده‭ ‬جاء‭ ‬رحمة‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬ما‭ ‬نعيشه‭ ‬اليوم‭ ‬نحن‭ ‬شعب‭ ‬غزة‭!.‬

ما‭ ‬أقسى‭ ‬أن‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬تحول‭ ‬فيه‭ ‬موت‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬رحمة‭!‬

والله‭ ‬يرحم‭ ‬كل‭ ‬شهداء‭ ‬غزة‭!‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا