العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الكواليس

وفاء جناحي

waffajanahi@gmail.com

أنا امرأة كاملة لست ناقصة

جلستْ‭ ‬أمامي‭ ‬فتاةٌ‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬أتكلمَ‭ ‬أو‭ ‬أسألها‭ ‬من‭ ‬تكون‭ ‬قالت‭: ‬أنا‭ ‬امرأةٌ‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الثلاثين‭ ‬من‭ ‬عمري،‭ ‬جميلة،‭ ‬طموحة،‭ ‬ناجحة‭ ‬في‭ ‬عملي‭ ‬الذي‭ ‬اجتهدت‭ ‬فيه‭ ‬كثيرا‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬مرتبة‭ ‬جيدة‭ ‬فيه‭ ‬ومازال‭ ‬أمامي‭ ‬الكثير‭ ‬لأحققه‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬عملي،‭ ‬أخذت‭ ‬الماجستير‭ ‬وفي‭ ‬طريقي‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬الدكتوراه،‭ ‬سعيدة‭ ‬في‭ ‬حياتي،‮ ‬أعشق‭ ‬عائلتي‭ ‬الصغيرة،‭ ‬والدي‭ ‬وإخواني‮ ‬سبب‭ ‬نجاحي‭ ‬حيث‭ ‬إنهم‭ ‬يشجعونني‭ ‬كثيرا‭ ‬لكي‭ ‬أصل‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬المراتب،‭ ‬أسافر‭ ‬مع‭ ‬صديقاتي‭ ‬وأعيش‭ ‬أحلى‭ ‬الأوقات‭ ‬معهن،‭ ‬باختصار‭ ‬شديد‭ ‬لا‭ ‬أشعر‭ ‬بأنه‭ ‬ينقصني‭ ‬أي‭ ‬شيء‭.‬

نظرتُ‭ ‬إليها‭ ‬وقلت‭ ‬لها‭: (‬اشفيج؟‭ ‬خير؟‭ ‬عسى‭ ‬ماشر‭)‬؟‭ ‬ماذا‭ ‬تريدين؟

رفعت‭ ‬رأسَها‭ ‬إلى‭ ‬الأعلى‭ ‬ونظرت‭ ‬إليَّ‮ ‬بعينين‭ ‬مليئة‭ ‬بالدموع‭ ‬وقالت‭: ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬تكتبي‭ ‬عن‭ ‬مشكلتي‭ ‬ومشكلة‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬البنات‭ ‬الذين‭ ‬هن‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬ظروفي‭!!‬

سكتُ‭ ‬وأعطيتها‭ ‬المجالَ‭ ‬لتكمل‭ ‬وتعبر‭ ‬عن‭ ‬مشاعرها‭ ‬فأضافت‭: ‬أكره‭ ‬نظرات‭ ‬الشفقة‭ ‬التي‭ ‬أراها‭ ‬في‭ ‬عيون‭ ‬الناس‭ ‬عندما‭ ‬يسألونني‭ ‬أبشع‭ ‬وأسخف‭ ‬سؤال‭: ‬هل‭ ‬أنت‭ ‬متزوجة؟‭ ‬وما‭ ‬إن‭ ‬أرد‭ ‬بالنفي‭ ‬حتى‭ ‬تنقلب‭ ‬النظرات‭ ‬المعجبة‭ ‬بشكلي‭ ‬والفخورة‭ ‬بإنجازاتي‭ ‬إلى‭ ‬نظرات‭ ‬شفقة‭ ‬وحزن‭ ‬تحسسني‭ ‬بأنني‭ ‬مسكينة‭ ‬وناقصة‭ ‬وكأن‭ ‬الزواج‭ ‬هو‭ ‬مفتاح‭ ‬السعادة‭ ‬الوحيد‭ ‬ولا‭ ‬عزاء‭ ‬لكل‭ ‬إنجاز‭ ‬حقيقي‭ ‬يسعد‭ ‬أي‭ ‬فتاة‭!!‬

ارتفعت‭ ‬نبراتُ‭ ‬صوتها‭ ‬وقالت‭ ‬بحسرةٍ‭ ‬وغضب‭: ‬ما‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة‭ ‬التي‭ ‬مازالت‭ ‬محفورة‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬مجتمعنا‭ ‬الذي‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬كمال‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬زواجها‭ ‬فقط؟‭! ‬أما‭ ‬دراستها‭ ‬وإنجازاتها‭ ‬العملية‭ ‬والعائلية‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الثانية‭ ‬دائما‭!‬

لماذا‭ ‬يحاول‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬يزوجني‭ ‬بأي‭ ‬طريقةٍ‭ ‬وبأي‭ ‬شخص‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬مؤهلاته‭ ‬لمجرد‭ ‬أنني‭ ‬تخطيت‭ ‬الثلاثين؟‭ ‬من‭ ‬قال‭ ‬لهم‭ ‬إنني‭ ‬تعيسة‭ ‬وأبكي‭ ‬الليل‭ ‬والنهار‭ ‬بانتظار‭ ‬فارس‭ ‬الأحلام؟‭! ‬من‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬عليّ‭ ‬أن‭ ‬أتخلى‭ ‬عن‭ ‬راحتي‭ ‬وسعادتي‭ ‬بين‭ ‬عائلتي‭ ‬الجميلة‭ ‬والذين‭ ‬يعاملونني‭ ‬كملكة‭ ‬رائعة‭ ‬لأتزوج‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬أقل‭ ‬مني‭ ‬في‭ ‬المؤهلات‭ ‬والشخصية‭ ‬لمجرد‭ ‬الزواج‭ ‬فقط؟‭ ‬من‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬السعادة‭ ‬في‭ ‬زواج‭ ‬المرأة‭ ‬فقط؟‭! ‬من‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬المرأة‭ ‬أو‭ ‬الرجل‭ ‬أيضا‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يسعد‭ ‬نفسه‭ ‬بنفسه‭ ‬دون‭ ‬شريك‭ ‬حياة؟‭!‬

مسحت‭ ‬الفتاةُ‭ ‬دموعها‭ ‬ونظرت‭ ‬إليَّ‭ ‬نظرة‭ ‬قوية‭ ‬وقالت‭: ‬الحياة‭ ‬أجمل‭ ‬وأروع‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أرميَ‭ ‬نفسي‭ ‬في‭ ‬كنف‭ ‬إنسان‭ ‬لا‭ ‬يناسبني،‭ ‬كم‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬يحترم‭ ‬المجتمع‭ ‬قرار‭ ‬النساء‭ ‬الطموحات‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬الشريك‭ ‬المناسب‭ ‬أو‭ ‬رفض‭ ‬الزواج،‭ ‬حيث‭ ‬إنني‭ ‬أرفض‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬ضحية‭ ‬وتحت‭ ‬رحمة‭ ‬إنسان‭ ‬مختل‭ ‬يشعر‭ ‬بالنقص‭ ‬فيذلني‭ ‬أو‭ ‬يهينني‭ ‬باسم‭ ‬الزواج‭.‬

مفهومي‭ ‬للزواج‭ ‬هو‭ ‬الحب،‭ ‬التفاهم،‭ ‬الرحمة،‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬أسرة‭ ‬سعيدة‭ ‬لذلك‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬أعثر‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يستحق‭ ‬ويكون‭ ‬نصفي‭ ‬الثاني‭ ‬وحبيبي‭ ‬وصديقي‭ ‬وأبي‭ ‬وابني‭ ‬وإلا‭ ‬فبيت‭ ‬والدي‭ ‬هو‭ ‬سعادتي‭.‬

أنا‭ ‬شخصيا‭ ‬أوافقها‭ ‬الرأي‭ ‬جملة‭ ‬وتفصيلا‭ ‬ولا‭ ‬أنصح‭ ‬أي‭ ‬فتاة‭ ‬مهما‭ ‬كبرت‭ ‬في‭ ‬العمر‭ ‬أن‭ ‬تتزوج‭ ‬أي‭ ‬واحدٍ‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬مستوى‭ ‬التفكير‭ ‬والبيئة‭ ‬والشهادات‭ ‬وألا‭ ‬تضع‭ ‬في‭ ‬عقلها‭ ‬أن‭ ‬الزواج‭ ‬هو‭ ‬طريق‭ ‬السعادة‭ ‬الوحيد‭ ‬فالإنسان‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يسعد‭ ‬نفسه‭ ‬دائما‭ ‬وأبدا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"وفاء جناحي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا