العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الكواليس

وفاء جناحي

waffajanahi@gmail.com

نعم إنه جيل أناني!

تلقيت‭ ‬عديدا‭ ‬من‭ ‬الإيميلات‭ ‬والمكالمات‭ ‬التي‭ ‬تتكرر‭ ‬فيه‭ ‬نفس‭ ‬الإجابة‭ ‬لسؤالي‭ ‬في‭ ‬المقال‭ ‬السابق‭ ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬أناني؟

يؤسفني‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الإجابات‭ ‬كانت‭ ‬بنعم،‭ ‬والكل‭ ‬يعلم‭ ‬إنه‭ ‬هو‭ ‬أو‭ ‬نحن‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬أنانيتهم،‭ ‬حيث‭ ‬إننا‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬من‭ ‬ربيناهم‭ ‬بل‭ ‬وعلمنا‭ ‬أبناءنا‭ ‬أن‭ ‬يأخذوا‭ ‬بلا‭ ‬حساب‭ ‬ولم‭ ‬نعلمهم‭ ‬حب‭ ‬أو‭ ‬جمال‭ ‬العطاء‭ ‬والتضحية،‭ ‬نعم‭ ‬لا‭ ‬أنكر‭ ‬بأنهم‭ ‬يحبوننا‭ ‬ويحترموننا‭ ‬ولكن‭ ‬تعلموا‭ ‬أو‭ ‬تعودوا‭ ‬أن‭ ‬تضحية‭ ‬الوالدين‭ ‬واجب‭ ‬وحق‭ ‬لهم‭ ‬لا‭ ‬فضل‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يشكروه‭. ‬طبعا‭ ‬لا‭ ‬أقصد‭ ‬الكل‭ ‬ولكن‭ ‬الكثير‭.‬

عديد‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬المشابهة‭ ‬لقصة‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬وصلتني‭ ‬ولكنني‭ ‬اخترت‭ ‬لكم‭ ‬هذه‭ ‬القصة‭ ‬لأنها‭ ‬مختلفة‭ ‬قليلا‭ ‬ولكنها‭ ‬تتكرر‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الواقعية،‭ ‬سأحكي‭ ‬لكم‭ ‬القصة‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬صاحبها‭ ‬الذي‭ ‬اخترت‭ ‬له‭ ‬اسم‭ (‬محمد‭).‬

اسمي‭ ‬محمد،‭ ‬عمري‭ ‬59،‭ ‬عندي‭ ‬ولدان‭ ‬وبنتان،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬الأحفاد‭ ‬لأنني‭ ‬تزوجت‭ ‬صغيرا،‭ ‬أرمل‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬زوجتي‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬بمرض‭ (‬العضال‭) ‬والتي‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬لم‭ ‬أقصر‭ ‬في‭ ‬رعايتها‭ ‬أبدا‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬عمرها‭ ‬بشهادة‭ ‬الجميع،‭ ‬مازلت‭ ‬في‭ ‬صحتي‭ ‬ورشاقتي‭ ‬وشبابي‭ (‬نعم‭ ‬مازلت‭ ‬أشعر‭ ‬بأنني‭ ‬شباب‭ ‬وأحب‭ ‬الحياة‭)‬،‭ ‬ومازلت‭ ‬أشعر‭ ‬بأنني‭ ‬محتاج‭ ‬إلى‭ ‬رفيقة‭ ‬درب‭ ‬تكمل‭ ‬معي‭ ‬مشوار‭ ‬الحياة‭ ‬حيث‭ ‬إنني‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬أبنائي‭ ‬وأحفادي‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬الليل‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أحيان‭ ‬كثيرة‭ ‬أكون‭ ‬فيها‭ ‬وحيدا‭ ‬حيث‭ ‬تزوج‭ ‬الأبناء‭ ‬وكونوا‭ ‬لأنفسهم‭ ‬حياتهم‭ ‬المستقلة،‭ ‬وبما‭  ‬أنني‭ ‬ميسور‭ ‬الحال‭ ‬ماديا‭ ‬فلم‭ ‬أقصر‭ ‬عليهم‭ ‬بأي‭ ‬شيء‭ ‬ماديا‭ ‬كان‭ ‬أو‭ ‬معنويا‭.‬

يقول‭ ‬محمد‭: ‬أصبحت‭ ‬أشعر‭ ‬أنني‭ ‬وحيد‭ ‬وأحتاج‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬تكون‭ ‬جزئي‭ ‬الثاني،‭ ‬لذلك‭ ‬فكرت‭ ‬في‭ ‬الزواج،‭ ‬والحمدالله‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬بنت‭ ‬الحلال‭ ‬التي‭ ‬تناسبني‭ ‬في‭ ‬الظروف،‭ ‬والتي‭ ‬تناسب‭ ‬المواصفات‭ ‬التي‭ ‬كنت‭ ‬أبحث‭ ‬عنها،‭ ‬وطبعا‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬فاتحت‭ ‬أبنائي‭ ‬حتى‭ ‬قامت‭ ‬القيامة‭ ‬بينهم‭ ‬جميعا‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬ثم‭ ‬مع‭ ‬الأيام‭ ‬تفهم‭ ‬الأولاد‭ ‬ولكن‭ ‬البنات‭ ‬كانوا‭ ‬لي‭ ‬بالمرصاد‭ ‬فحاولوا‭ ‬إقناعي‭ ‬بالعدول‭ ‬عن‭ ‬الزواج‭ ‬بشتى‭ ‬الطرق،‭ ‬وعندما‭ ‬فشلوا‭ ‬قاطعوني‭ ‬وحرموني‭ ‬من‭ ‬أحفادي،‭ ‬وعندما‭ ‬غضبت‭ ‬رجعت‭ ‬إحدى‭ ‬البنات‭ ‬وقالت‭ ‬إن‭ ‬حبها‭ ‬لي‭ ‬وغيرتها‭ ‬علي‭ ‬تجعلها‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬الموافقة‭ ‬أما‭ ‬الثانية‭ ‬فقد‭ ‬سمعتها‭ ‬تقول‭ ‬لأبنائي‭ ‬إن‭ ‬عليهم‭ ‬جميعا‭ ‬أن‭ ‬يقاطعوني‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬تشاركهم‭ ‬فيني،‭ ‬فلم‭ ‬أصدق‭ ‬ما‭ ‬سمعت‭ ‬ولكنني‭ ‬تمالكت‭ ‬نفسي‭ ‬وحاولت‭ ‬أن‭ ‬أستميلهم‭ ‬وأعدهم‭ ‬بأنني‭ ‬أبوهم‭ ‬وحبهم‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬حب‭ ‬آخر‭.‬

وما‭ ‬أن‭ ‬خطبت‭ ‬حتى‭ ‬اختفى‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬حياتي‭ ‬وأصبحوا‭ ‬يستغلون‭ ‬حبي‭ ‬وشوقي‭ ‬لهم‭ ‬ولأطفالهم‭ ‬محاولة‭ ‬منهم‭ ‬للضغط‭ ‬علي‭ ‬لكيلا‭ ‬أنهي‭ ‬مسألة‭ ‬زواجي،‭ ‬لم‭ ‬أصدق‭ ‬أن‭ ‬أبنائي‭ ‬الذين‭ ‬عاشوا‭ ‬معاناتي‭ ‬مع‭ ‬أمهم‭ ‬وضحيت‭ ‬لهم‭ ‬بالكثير‭ ‬لا‭ ‬يتمنون‭ ‬لي‭ ‬السعادة‭ ‬وكل‭ ‬تفكيرهم‭ ‬في‭ ‬أنفسهم‭ ‬فقط‭! ‬كيف‭ ‬ولماذا‭ ‬لا‭ ‬يفرح‭ ‬أبنائي‭ ‬فلذات‭ ‬كبدي‭ ‬لفرحي‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬يريدونني‭ ‬أن‭ ‬أعيش‭ ‬الباقي‭ ‬من‭ ‬حياتي‭ ‬مع‭ ‬رفيقة‭ ‬درب‭ ‬تهتم‭ ‬بي‭ ‬وتسعدني؟‭ ‬هل‭ ‬تفكيري‭ ‬في‭ ‬نفسي‭ ‬جريمة؟‭ ‬هل‭ ‬علي‭ ‬أن‭ ‬أتقاعد‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬والسعادة‭ ‬والفرح‭ ‬لكي‭ ‬أراضي‭ ‬أبنائي؟‭! ‬

توكلت‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬وتزوجت‭ ‬رجع‭ ‬لي‭ ‬أبنائي‭ ‬ولكن‭ ‬ابنتي‭ ‬الصغيرة‭ ‬مازالت‭ ‬تخاصمني‭ ‬ولا‭ ‬تسمح‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أرى‭ ‬حفيدي‭ ‬أما‭ ‬ابنتي‭ ‬الأخرى‭ ‬فإنها‭ ‬تعاقبني‭ ‬بطريقة‭ ‬أخرى‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تطفش‭ ‬زوجتي‭ ‬الجميلة‭ ‬الرقيقة‭ ‬بأنها‭ ‬تترك‭ ‬أبناءها‭ ‬الصغار‭ ‬الأربعة‭ ‬من‭ ‬سن‭ ‬السنتين‭ ‬وحتى‭ ‬العاشرة‭ ‬في‭ ‬رعايتي‭ ‬وزوجتي‭ ‬وتخرج‭ ‬تلف‭ ‬الكوفيهات‭ ‬والأسواق‭ ‬وتستمتع‭ ‬بحياتها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تفكر‭ ‬بأنني‭ ‬عريس‭ ‬جديد‭ ‬أحتاج‭ ‬أن‭ ‬أفرح‭ ‬بعروستي‭ ‬الجديدة‭ ‬وأعلم‭ ‬بأنني‭ ‬لو‭ ‬رفضت‭ ‬ستفعل‭ ‬كما‭ ‬تفعل‭ ‬أختها‭ ‬الثانية‭ ‬ولا‭ ‬أعلم‭ ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬ستتحمل‭ ‬عروستي‭ ‬وسأتحمل‭ ‬أنا‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬غير‭ ‬العادي‭!!‬

نعم‭ ‬سيدتي‭ ‬إنهم‭ ‬جيل‭ ‬أناني‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬كلهم‭ ‬فأبنائي‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬فرحين‭ ‬بزواجي‭ ‬ومتعاونون‭ ‬معي‭ ‬كثيرا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"وفاء جناحي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا