العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ثقافة إدارة الخطأ البشري في العمل المؤسسي (1)

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ١٢ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

أن‭ ‬يخطئ‭ ‬الإنسان‭ ‬فهذا‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي،‭ ‬فالإنسان‭ ‬والخطأ‭ ‬غير‭ ‬المتعمد‭ ‬صنوان،‭ ‬لذلك‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الذكاء‭ ‬الإداري‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬المؤسسي‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬أبعاد‭ ‬وسيكولوجية‭ ‬الخطأ‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬قمنا‭ ‬بالتصدي‭ ‬للخطأ‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬تصدينا‭ ‬له‭ ‬علاجًا‭ ‬إداريًا‭ ‬علميًا‭ ‬موضوعيًا‭.‬

والخطأ‭ ‬في‭ ‬لسان‭ ‬العرب‭ ‬يعني‭: ‬أن‭ ‬‮«‬يذنب‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬عمد‮»‬،‭ ‬أما‭ ‬إداريًا‭ ‬فإنه‭ ‬أن‭ ‬يَقصُد‭ ‬الموظف‭ ‬الأمر‭ ‬فيصيب‭ ‬غيره،‭ ‬بسبب‭ ‬نقصٍ‭ ‬في‭ ‬إجراءٍ‭ ‬أو‭ ‬طريقةٍ‭ ‬أو‭ ‬علم،‭ ‬فيؤثر‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬صدق‭ ‬النتائج،‭ ‬أو‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬اتباع‭ ‬الأسلوب‭ ‬أو‭ ‬الطريقة‭ ‬الموضوعة‭. ‬ويذهب‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الخطأ‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬المؤسسي‭ ‬له‭ ‬وجهان،‭ ‬أحدهما‭ ‬متعمد‭ ‬والآخر‭ ‬غير‭ ‬المتعمد،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬كلاهما‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬كفاءة‭ ‬وفاعلية‭ ‬العمل‭ ‬المؤسسي،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬الخطأ‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬يمكن‭ ‬تعريفه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬الأفراد‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬نتيجة‭ ‬تصرف‭ ‬أو‭ ‬سلوك‭ ‬خاطئ‭ ‬متعمد‭ ‬كان‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬متعمد،‭ ‬بما‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬فاعليته‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬المهمة‭ ‬الموكلة‭ ‬إليه،‭ ‬نتيجة‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬الانتباه‭ ‬أو‭ ‬تعمد‭ ‬أو‭ ‬قلة‭ ‬تأهيل‭ ‬أو‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬الاتصال‭ ‬من‭ ‬ناحيته‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬ككل،‭ ‬أو‭ ‬لقلة‭ ‬وضوح‭ ‬الدور‭ ‬أو‭ ‬المهمة‭.‬

أسباب‭ ‬الأخطاء‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل

تلخص‭ ‬بعض‭ ‬الدراسات‭ ‬والأدبيات‭ ‬المؤسسية‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ثلاثة‭ ‬مصادر‭ ‬لحدوث‭ ‬الأخطاء‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل؛‭ ‬وهي‭ ‬كالتالي‭:‬

1-أخطاء‭ ‬أساسها‭ ‬الدور،‭ ‬وتتمثل‭ ‬في‭ ‬فشل‭ ‬الفرد‭ ‬في‭ ‬اتباع‭ ‬القواعد‭ ‬المتعارف‭ ‬عليها‭ ‬أو‭ ‬التعليمات‭ ‬الإلزامية‭.‬

2-وأخطاء‭ ‬أساسها‭ ‬المهارة،‭ ‬وترتبط‭ ‬بحالة‭ ‬فشل‭ ‬الفرد‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬الأعمال‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭ ‬أو‭ ‬تطبيق‭ ‬المهارات‭ ‬الصحيحة‭ ‬لإنجازها‭. ‬

3-وأخطاء‭ ‬أساسها‭ ‬المعرفة،‭ ‬هي‭ ‬أخطاء‭ ‬ناجمة‭ ‬عن‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬المشاكل‭ ‬كالفشل‭ ‬في‭ ‬التفكير‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح‭ ‬والفشل‭ ‬في‭ ‬استعمال‭ ‬المعلومات‭ ‬المتوفرة‭ ‬بالشكل‭ ‬الملائم‭ ‬والفشل‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬قلة‭ ‬المعرفة‭ ‬والمعلومة‭.‬

وتذهب‭ ‬بعض‭ ‬الأدبيات‭ ‬الأخرى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أسباب‭ ‬الخطأ‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بالأسباب‭ ‬التالية‭:‬

1‭-  ‬ضعف‭ ‬الأمان‭ ‬النفسي،‭ ‬وقد‭ ‬أشاروا‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬النواحي‭ ‬النفسية‭ ‬للفرد‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬القدرات‭ ‬والشخصية‭ ‬والدافعية‭ ‬والاهتمام‭ ‬وغيرها،‭ ‬

2-‭ ‬العوامل‭ ‬الجسدية،‭ ‬وتتمثل‭ ‬في‭ ‬الإحساس‭ ‬بالإجهاد‭ ‬من‭ ‬عبء‭ ‬العمل،‭ ‬أو‭ ‬للطبيعة‭ ‬الجسدية‭ ‬لهم،‭ ‬أو‭ ‬لقلة‭ ‬فترات‭ ‬الراحة‭ ‬والنوم،‭ ‬

3-‭ ‬والعوامل‭ ‬البيئية،‭ ‬وتمثلت‭ ‬في‭ ‬سوء‭ ‬البيئة‭ ‬الداخلية‭ ‬والخاصة‭ ‬بدرجة‭ ‬الحرارة‭ ‬وغيرها،‭ ‬وسوء‭ ‬البيئة‭ ‬الخارجية‭ ‬والمرتبط‭ ‬بالطقس‭ ‬والغذاء‭ ‬وغيره،‭ ‬والعوامل‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالأسرة‭. ‬

وكذلك‭ ‬تُصنف‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬إلى‭:‬

1-‭  ‬أسباب‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالوظيفة،‭ ‬وتتضمن‭ ‬التعليمات‭ ‬الناقصة‭ ‬أو‭ ‬الغامضة،‭ ‬

2-‭ ‬وعبء‭ ‬العمل‭ ‬الزائد‭ ‬وظروف‭ ‬العمل‭ ‬غير‭ ‬المرضية،‭ ‬

3-‭ ‬ظروف‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالفرد،‭ ‬مثل‭ ‬ضعف‭ ‬الكفايات‭ ‬والمهارات،‭ ‬والإجهاد،‭ ‬والملل‭ ‬وقلة‭ ‬الدافعية‭ ‬أو‭ ‬مشكلات‭ ‬صحية،‭ ‬

4-‭ ‬وأسباب‭ ‬متعلقة‭ ‬بالإدارة‭ ‬مثل‭ ‬ضعف‭ ‬التخطيط‭ ‬للعمل‭ ‬المؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬ضغط‭ ‬العمل،‭ ‬وقلة‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الأخطاء‭ ‬السابقة،‭ ‬وضعف‭ ‬الاتصالات‭ ‬الإدارية،‭ ‬وضعف‭ ‬كفاءة‭ ‬التنسيق‭ ‬والمسؤوليات‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الأدبيات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أسباب‭ ‬أخرى‭ ‬وكثيرة،‭ ‬إلا‭ ‬إننا‭ ‬لا‭ ‬نرغب‭ ‬بالتحدث‭ ‬عنها،‭ ‬فهي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬الميداني‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬تكتب‭ ‬في‭ ‬مقال‭. ‬

ولكن‭ ‬الذي‭ ‬يهمنا‭ ‬هنا،‭ ‬هو‭ ‬تصنيف‭ ‬تلك‭ ‬الأخطاء‭ ‬حسب‭ ‬نوعياتها‭ ‬فهي‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬المسؤول‭ ‬الإداري‭ ‬القائد،‭ ‬والتي‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يعرفها‭ ‬ويتعرف‭ ‬عليها‭ ‬حال‭ ‬وقوعها،‭ ‬ليتمكن‭ ‬من‭ ‬تصنيفها‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬نوعية‭ ‬بهدف‭ ‬إدارتها‭ ‬وتصحيحها‭.‬

تصنيف‭ ‬الأخطاء‭ ‬البشرية

لقد‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬الأخطاء‭ ‬البشرية‭ ‬تصنف‭ ‬إلى‭:‬

أخطاء‭ ‬في‭ ‬الفعل‭ ‬أو‭ ‬الأداء؛‭ ‬وتشمل‭ ‬الزلات‭ ‬والهفوات،‭ ‬فأما‭ ‬الزلات‭ ‬فهي‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬إجراءات‭ ‬المهمة‭. ‬وتوصف‭ ‬بأنها‭ ‬أفعال‭ ‬ليست‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬مخطط‭ ‬لها،‭ ‬مثل‭: ‬تنفيذ‭ ‬إجراء‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬جدًا‭ ‬أو‭ ‬تركه‭ ‬بعد‭ ‬فوات‭ ‬الأوان،‭ ‬أو‭ ‬حذف‭ ‬خطوة‭ ‬أو‭ ‬سلسلة‭ ‬خطوات‭ ‬من‭ ‬مهمة،‭ ‬أو‭ ‬القيام‭ ‬بعمل‭ ‬بقوة‭ ‬كبيرة‭ ‬جدًا‭ ‬أو‭ ‬قليلة‭ ‬جدًا،‭ ‬كما‭ ‬تتضمن‭ ‬تنفيذ‭ ‬الإجراء‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬الخاطئ‭ ‬أو‭ ‬القيام‭ ‬بالشيء‭ ‬الصحيح،‭ ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬الكائن‭ ‬الخطأ‭ ‬أو‭ ‬إجراء‭ ‬فحص‭ ‬خاطئ،‭ ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬العنصر‭ ‬الصحيح،‭ ‬أما‭ ‬الهفوات‭ ‬فهي‭ ‬مرتبطة‭ ‬بعدم‭ ‬القيام‭ ‬بالعمل‭ ‬نتيجة‭ ‬النسيان‭ ‬أو‭ ‬تبدل‭ ‬الأدوار‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬التشتيت‭ ‬والانقطاع‭ ‬عن‭ ‬المهام‭. ‬

أخطاء‭ ‬في‭ ‬التفكير؛‭ ‬وتتضمن‭ ‬أخطاء‭ ‬مستندة‭ ‬على‭ ‬القواعد‭ ‬وأخطاء‭ ‬مستندة‭ ‬على‭ ‬المعرفة،‭ ‬وهذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬الأدائي‭ ‬تُعد‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدًا‭ ‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬البشري‭ ‬حيث‭ ‬يفعل‭ ‬الفرد‭ ‬الشيء‭ ‬الخطأ‭ ‬معتقدًا‭ ‬أنه‭ ‬صحيح‭. ‬يتضمن‭ ‬فشل‭ ‬العمليات‭ ‬العقلية‭ ‬التي‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬تخطيط‭ ‬وتقييم‭ ‬المعلومات‭ ‬وصنع‭ ‬النوايا‭ ‬والحكم‭ ‬على‭ ‬العواقب‭. ‬أما‭ ‬الأخطاء‭ ‬المستندة‭ ‬إلى‭ ‬القواعد‭ ‬فتحدث‭ ‬نتيجة‭ ‬اختيار‭ ‬قاعدة‭ ‬خاطئة‭ ‬بسبب‭ ‬تصور‭ ‬خاطئ‭ ‬للموقف،‭ ‬أو‭ ‬إغفال‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬القاعدة‭ ‬بسبب‭ ‬اعتماد‭ ‬سلوك‭ ‬الفرد‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬أو‭ ‬إجراءات‭ ‬مألوفة،‭ ‬حيث‭ ‬يكون‭ ‬لدى‭ ‬الأفراد‭ ‬ميل‭ ‬قوي‭ ‬لاستخدام‭ ‬القواعد‭ ‬أو‭ ‬الحلول‭ ‬المألوفة‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬الأكثر‭ ‬ملاءمة‭ ‬أو‭ ‬كفاءة،‭ ‬أما‭ ‬الأخطاء‭ ‬المستندة‭ ‬للمعرفة‭ ‬فهي‭ ‬ناتجة‭ ‬عن‭ ‬نقص‭ ‬المعرفة‭ ‬أو‭ ‬التطبيق‭ ‬غير‭ ‬الصحيح‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬التشخيص‭ ‬غير‭ ‬الصحيح‭ ‬والحسابات‭ ‬غير‭ ‬الدقيقة‭.‬

أخطاء‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬الإذعان؛‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬الانتهاكات‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬بسبب‭ ‬متعمد،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬عادة‭ ‬تحدث‭ ‬بسبب‭ ‬الإهمال‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬بسبب‭ ‬محاولة‭ ‬إحباط‭ ‬العمل،‭ ‬عمومًا‭ ‬فهي‭ ‬محاولة‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬فشل‭ ‬المؤسسة،‭ ‬وهذه‭ ‬تحتاج‭ ‬من‭ ‬المسؤول‭ ‬الإداري‭ ‬القائد‭ ‬وقفة‭ ‬مع‭ ‬المخطئ‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬المخطئ‭ ‬بسبب‭ ‬الأخطاء‭ ‬السابقة‭ ‬غير‭ ‬المتعمدة‭.‬

‭  ‬درجات‭ ‬الخطأ

نحن‭ ‬نعلم‭ ‬أنه‭ ‬يصعب‭ ‬التمييز،‭ ‬وتصنيف‭ ‬الأخطاء‭ ‬حسب‭ ‬درجة‭ ‬خطورتها‭ ‬أو‭ ‬مدى‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬العملاء‭ ‬أو‭ ‬المؤسسة‭ ‬نفسها،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬‭ ‬كما‭ ‬نعتقد‭ ‬‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التصنيف‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬المسؤول‭ ‬الإداري‭ ‬القائد‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬وإدارة‭ ‬تلك‭ ‬الأخطاء،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬أن‭ ‬نعامل‭ ‬طبيبا‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬خطأ‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬فقدان‭ ‬حياة‭ ‬إنسان‭ ‬بسبب‭ ‬إهمال‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬مبالاة‭ ‬أو‭ ‬موظف‭ ‬أدى‭ ‬توقيعه‭ ‬إلى‭ ‬خسارة‭ ‬المؤسسة‭ ‬وإلزامها‭ ‬دفع‭ ‬ملايين‭ ‬الدنانير‭ ‬لعميل‭ ‬مع‭ ‬شخص‭ ‬أخطأ‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬تافه‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انسكاب‭ ‬قهوة‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬عليها‭ ‬بعض‭ ‬الأوراق‭ ‬غير‭ ‬المهمة‭. ‬فالتعامل‭ ‬مع‭ ‬الخطأ‭ ‬وإدارته‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬حسب‭ ‬درجة‭ ‬خطورة‭ ‬الخطأ‭ ‬ومدى‭ ‬تأثيره‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬البشر‭ ‬أو‭ ‬خسارة‭ ‬المؤسسة‭. ‬ولقد‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬تصنيف‭ ‬درجات‭ ‬الخطأ‭ ‬تختلف‭ ‬حسب‭ ‬الأنظمة‭ ‬والقوانين‭ ‬والمراجع‭ ‬والدول‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬لذلك‭ ‬سنحاول‭ ‬أن‭ ‬نأتي‭ ‬ببعضها‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬طرحه،‭ ‬وبصورة‭ ‬عامة‭ ‬فهي‭ ‬تقسم‭ ‬كالتالي‭:‬

1-الخطأ‭ ‬البسيط،

2-الخطأ‭ ‬المتوسط‭ ‬الحدة،

3-الخطأ‭ ‬الجسيم،

4-الخطأ‭ ‬بالغ‭ ‬الجسامة،

5-الجسيم‭ ‬استثنائي‭ ‬الجسامة‭.‬

ويمكن‭ ‬الملاحظة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬حدود‭ ‬فاصلة‭ ‬وواضحة‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف‭ ‬وهذا‭ ‬الدرجات،‭ ‬لذلك‭ ‬دعونا‭ ‬نتعرف‭ ‬على‭ ‬التصنيف‭ ‬الآخر‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحًا،‭ ‬وهو‭:‬

1-الخطأ‭ ‬التافه،‭ ‬وهو‭ ‬ذلك‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬بالقدر‭ ‬الطفيف‭ ‬من‭ ‬الإهمال‭ ‬وعدم‭ ‬الانتباه،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬بصفة‭ ‬يومية‭ ‬في‭ ‬المؤسسات،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحدث‭ ‬أي‭ ‬أضرار‭ ‬للغير،‭ ‬مثل‭: ‬تسجيل‭ ‬الرقم‭ ‬الشخصي‭ ‬بالخطأ‭ ‬أو‭ ‬التوقيع‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬الخاطئ‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭. ‬

2-الخطأ‭ ‬المركب،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يقترفها‭ ‬الإنسان‭ ‬الحريص‭ ‬الذي‭ ‬تتوافر‭ ‬به‭ ‬المسؤولية،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬‭ ‬ربما‭ ‬‭ ‬تترتب‭ ‬عليها‭ ‬بعض‭ ‬الضرر‭ ‬على‭ ‬الغير،‭ ‬كالتشخيص‭ ‬الخاطئ‭ ‬للمرض،‭ ‬أو‭ ‬وصف‭ ‬دواء‭ ‬لا‭ ‬يصلح‭ ‬للمريض‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الدواء‭ ‬لا‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الوفاة،‭ ‬وكذلك‭ ‬تأخير‭ ‬معاملة‭ ‬مواطن‭ ‬أو‭ ‬إهماله‭ ‬عند‭ ‬أخذ‭ ‬المواعيد،‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭.‬

3-الخطأ‭ ‬الجسيم،‭ ‬وهو‭ ‬الخطأ‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يُغتفر‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬متعمد‭ ‬أو‭ ‬مقصود،‭ ‬مثل‭ ‬السخرية‭ ‬من‭ ‬مراجع‭ ‬أو‭ ‬الكذب‭ ‬عليه،‭ ‬وهذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬ربما‭ ‬يعاقب‭ ‬عليها‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول،‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬ربما‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأضرار‭ ‬الجسدية‭ ‬أو‭ ‬النفسية،‭ ‬وهذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬مثل‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حوادث‭ ‬العمل‭ ‬والأخطاء‭ ‬الطبية‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الوفاة‭. ‬

والخطأ‭ ‬الجسيم‭ ‬‭ ‬كما‭ ‬تشير‭ ‬بعض‭ ‬القوانين‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬الخطأ‭ ‬يحدث‭ ‬ويفترض‭ ‬به‭ ‬سوء‭ ‬النية،‭ ‬وفي‭ ‬أحيان‭ ‬أخرى‭ ‬الإهمال‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬التبصر‭.‬

وتشير‭ ‬بعض‭ ‬الأنظمة‭ ‬الأخرى‭ ‬أن‭ ‬الخطأ‭ ‬الجسيم‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬الإخلال‭ ‬بواجب‭ ‬ثابت‭ ‬محقق‭ ‬ولا‭ ‬جدال‭ ‬في‭ ‬شأنه،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬اعتبره‭ ‬البعض‭ ‬خطأ‭ ‬عاديًا‭ ‬لا‭ ‬يتميز‭ ‬عن‭ ‬غيره‭ ‬في‭ ‬شيء‭.‬

عمومًا،‭ ‬أيًا‭ ‬كان‭ ‬الخطأ‭ ‬وتعريفه‭ ‬أو‭ ‬تصنيفه‭ ‬أو‭ ‬درجته،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬عندما‭ ‬يحدث‭ ‬الخطأ‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تصنيفه‭ ‬وفقًا‭ ‬للأهواء‭ ‬أو‭ ‬وجهات‭ ‬النظر،‭ ‬فالمسؤول‭ ‬‭ ‬ربما‭ ‬‭ ‬يجد‭ ‬أن‭ ‬الحدث‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُعد‭ ‬خطأ‭ ‬جسيما،‭ ‬والموظف‭ ‬يعتقد‭ ‬أنه‭ ‬خطأ‭ ‬بسيط‭ ‬يمكن‭ ‬تجاوزه،‭ ‬وهذا‭ ‬التفاوت‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬بلبلة‭ ‬ومشاكل‭ ‬تتعدى‭ ‬الخطأ‭ ‬نفسه‭.‬

لذلك‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬توجد‭ ‬معايير‭ ‬ودساتير‭ ‬ومراجع‭ ‬لكل‭ ‬نوعية‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬المؤسسات،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬حكومية‭ ‬أو‭ ‬خاصة‭ ‬أو‭ ‬أهلية‭. ‬فالجميع‭ ‬يخطئ‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الحكمة‭ ‬أن‭ ‬نعاقب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬تقع،‭ ‬وإنما‭ ‬أولاً‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لدينا‭ ‬دستور‭ ‬نعود‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬وقوع‭ ‬الخطأ‭ ‬ونتحاكم‭ ‬به‭ ‬لتصنيف‭ ‬الخطأ‭ ‬الذي‭ ‬وقع،‭ ‬وثانيًا؛‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نقوم‭ ‬بوضع‭ ‬منهجية‭ ‬لإدارة‭ ‬الأخطاء،‭ ‬والتي‭ ‬تنقسم‭ ‬إلى‭ ‬ثلاثة‭ ‬مستويات،‭ ‬وهي‭: ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقع‭ ‬الخطأ،‭ ‬اكتشاف‭ ‬الخطأ،‭ ‬وأخيرًا،‭ ‬إدارة‭ ‬الخطأ‭.‬

وهذا‭ ‬حديث‭ ‬آخر‭. ‬

 

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا