العدد : ١٧١٩١ - الخميس ١٧ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٩١ - الخميس ١٧ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

التحول من الكاريكاتور التقليدي إلى الرقمي

بقلم: د. فاضل البدراني {

الثلاثاء ١٨ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

صادفتنا‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬لقطة‭ ‬أنتجها‭ ‬مختصون‭ ‬بالذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬ضمن‭ ‬السخرية‭ ‬السياسية‭ ‬الدولية‭ ‬تمثل‭ ‬لقطة‭ ‬فيديوية‭ ‬يصفع‭ ‬فيها‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬نظيره‭ ‬الاوكراني‭ ‬زيلينسكي‭ ‬صفعات‭ ‬مقابل‭ ‬محاولات‭ ‬الأخير‭ ‬الإفلات‭ ‬منها،‭ ‬ما‭ ‬جعلني‭ ‬أتذكر‭ ‬فن‭ ‬الكاريكاتور‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬والدوريات‭ ‬سابقا‭ ‬وأسلوب‭ ‬التحدي‭ ‬الذي‭ ‬تفرضه‭ ‬خوارزميات‭ ‬الرسوم‭ ‬الكاريكاتورية‭ ‬بإنتاج‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الرسوم‭ ‬المتحركة‭.‬

اللقطة‭ ‬هذه‭ ‬وردت‭ ‬بصيغة‭ ‬كاريكاتورية‭ ‬رقمية‭ ‬جديدة‭ ‬بدأ‭ ‬متابعو‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية‭ ‬بمواجهة‭ ‬أمثالها‭ ‬منذ‭ ‬مدة‭ ‬ليست‭ ‬طويلة‭ ‬بتداخل‭ ‬التقنيات‭ ‬الإعلامية‭ ‬بشأن‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الصور‭ ‬واللقطات‭ ‬الفيديوية‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬المتابعين‭ ‬يقعون‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬الوثوق‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التضليل‭ ‬الإعلامي‭ ‬الرقمي،‭ ‬بل‭ ‬أصبحنا‭ ‬نتعرض‭ ‬لسؤال‭ ‬يتكرر‭ ‬في‭ ‬‮«‬قروبات‮»‬‭ ‬على‭ ‬التطبيقات‭ ‬الرقمية‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬صحة‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬من‭ ‬الصور‭ ‬واللقطات‭ ‬الفيديوية‭ ‬المرادفة‭ ‬للنصوص‭ ‬المكتوبة،‭ ‬بعد‭ ‬تداخل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬فيها‭ ‬وإنتاج‭ ‬لقطات‭ ‬ومشاهد‭ ‬مضحكة‭ ‬تدشن‭ ‬فن‭ ‬الكاريكاتور‭ ‬بطريقة‭ ‬ساخرة‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬مضمون‭ ‬له‭ ‬دلالات‭ ‬مستوحاة‭ ‬من‭ ‬جو‭ ‬اللقاء‭ ‬العاصف‭ ‬الذي‭ ‬جمع‭ ‬ترامب‭ ‬بزيلينسكي‭ ‬خلال‭ ‬زيارة‭ ‬الأخير‭ ‬لواشنطن‭ ‬مؤخرا‭ ‬ورفضه‭ ‬الاملاءات‭ ‬الأمريكية‭ ‬كما‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬المقابلة،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬بلاده‭ ‬ويعلن‭ ‬موافقته‭ ‬وتراجعه‭ ‬عن‭ ‬الرفض‭.‬

إنه‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬الطرافة‭ ‬بدخول‭ ‬الذكاء‭ ‬الصناعي‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الفن‭ ‬والرسوم‭ ‬الكاريكاتورية‭ ‬لنشاهد‭ ‬الفنان‭ ‬الكوميدي‭ ‬وصورة‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬كاريكاتورية‭ ‬عبر‭ ‬تدريب‭ ‬الذكاء‭ ‬الصناعي‭ ‬على‭ ‬إنتاجها‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬ينشره‭ ‬موقع‮«‬Futurism‮»‬‭ . ‬والمعلومات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬تطور‭ ‬لافت‭ ‬للنظر‭ ‬سيواجهنا‭ ‬جميعا‭ ‬مستقبلا،‭ ‬وسيشوه‭ ‬حياة‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬ويلون‭ ‬أحداثا‭ ‬كثيرة‭ ‬بالأسلوب‭ ‬الفكاهي‭ ‬والساخر‭ ‬عبر‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬إذ‭ ‬سيتم‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬خوارزميات‭ ‬الرسوم‭ ‬الكاريكاتورية‭ ‬ووضع‭ ‬لمسات‭ ‬محددة‭ ‬تشبه‭ ‬الأسلوب‭ ‬الفني‭ ‬الذي‭ ‬يتبعه‭ ‬فنان‭ ‬الكاريكاتور‭. ‬وعلى‭ ‬قدر‭ ‬ما‭ ‬يتحدث‭ ‬به‭ ‬الكل‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬لكنه‭ ‬مهما‭ ‬بلغ‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬والقدرات‭ ‬الإبداعية‭ ‬فلن‭ ‬يغني‭ ‬عن‭ ‬الابتكار‭ ‬والإبداع‭ ‬البشري،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬فن‭ ‬الكاريكاتور‭ ‬الذي‭ ‬كنا‭ ‬نألفه‭ ‬ونتعايش‭ ‬معه‭ ‬بالتحليل‭ ‬والرأي‭ ‬وفك‭ ‬طلاسمه‭ ‬حين‭ ‬يغمز‭ ‬فنانا‭ ‬بريشته‭ ‬موضوعات‭ ‬وشخصيات‭ ‬وأحداثا‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات،‭ ‬إذ‭ ‬سجل‭ ‬تراجعا‭ ‬في‭ ‬دوره‭ ‬بتراجع‭ ‬بيئته‭ ‬الإعلامية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يمارس‭ ‬إبداعه‭ ‬فيها‭ ‬ويرسم‭ ‬خرائطه‭ ‬على‭ ‬أجزائها‭.‬

البيئة‭ ‬الإعلامية‭ ‬تشهد‭ ‬انتقالة‭ ‬وإزاحة‭ ‬إجبارية‭ ‬سريعة‭ ‬من‭ ‬الواقعية‭ ‬الى‭ ‬الرقمية،‭ ‬والجميع‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬منها،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬العالم‭ ‬هو‭ ‬ليس‭ ‬عالم‭ ‬الأمس،‭ ‬فالخوارزميات‭ ‬الرقمية‭ ‬فرضت‭ ‬نمط‭ ‬حياة‭ ‬جديدا،‭ ‬وأي‭ ‬إبداع‭ ‬بشري‭ ‬بات‭ ‬أمام‭ ‬منافسة‭ ‬شرسة‭ ‬يفرضها‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬عليه،‭ ‬وكالعادة‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬صاحب‭ ‬خبرة‭ ‬وموهبة‭ ‬ونجاح‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يتنازل‭ ‬عنها‭ ‬لصالح‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وهو‭ ‬ذات‭ ‬الجدل‭ ‬الدولي‭ ‬الدائر‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬باتهام‭ ‬الأخيرة‭ ‬للأولى‭ ‬بسرقة‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬تسجيلها‭ ‬تفوقا‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭ ‬الإبداعية‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مستندة‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬التكنولوجيا‭.‬

 

{‭ ‬كاتب‭ ‬وأكاديمي‭ ‬عراقي‭ ‬

 

faidel‭.‬albadrani@gmail‭.‬com‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا