صادفتنا قبل أيام لقطة أنتجها مختصون بالذكاء الاصطناعي ضمن السخرية السياسية الدولية تمثل لقطة فيديوية يصفع فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره الاوكراني زيلينسكي صفعات مقابل محاولات الأخير الإفلات منها، ما جعلني أتذكر فن الكاريكاتور في الصحف والمجلات والدوريات سابقا وأسلوب التحدي الذي تفرضه خوارزميات الرسوم الكاريكاتورية بإنتاج تكنولوجيا الرسوم المتحركة.
اللقطة هذه وردت بصيغة كاريكاتورية رقمية جديدة بدأ متابعو المنصات الرقمية بمواجهة أمثالها منذ مدة ليست طويلة بتداخل التقنيات الإعلامية بشأن كثير من الصور واللقطات الفيديوية التي تجعل كثيرا من المتابعين يقعون في خانة الوثوق بها في إطار التضليل الإعلامي الرقمي، بل أصبحنا نتعرض لسؤال يتكرر في «قروبات» على التطبيقات الرقمية عن مدى صحة هذا وذاك من الصور واللقطات الفيديوية المرادفة للنصوص المكتوبة، بعد تداخل الذكاء الاصطناعي فيها وإنتاج لقطات ومشاهد مضحكة تدشن فن الكاريكاتور بطريقة ساخرة تعبر عن مضمون له دلالات مستوحاة من جو اللقاء العاصف الذي جمع ترامب بزيلينسكي خلال زيارة الأخير لواشنطن مؤخرا ورفضه الاملاءات الأمريكية كما ظهر في المقابلة، قبل أن يصل إلى بلاده ويعلن موافقته وتراجعه عن الرفض.
إنه بلا شك أمر لا يخلو من الطرافة بدخول الذكاء الصناعي في عالم الفن والرسوم الكاريكاتورية لنشاهد الفنان الكوميدي وصورة أي شخص كاريكاتورية عبر تدريب الذكاء الصناعي على إنتاجها وفق ما ينشره موقع«Futurism» . والمعلومات تشير إلى تطور لافت للنظر سيواجهنا جميعا مستقبلا، وسيشوه حياة كثير من الناس ويلون أحداثا كثيرة بالأسلوب الفكاهي والساخر عبر الذكاء الاصطناعي، إذ سيتم الاعتماد على خوارزميات الرسوم الكاريكاتورية ووضع لمسات محددة تشبه الأسلوب الفني الذي يتبعه فنان الكاريكاتور. وعلى قدر ما يتحدث به الكل من أن الذكاء الاصطناعي مهم في حياتنا لكنه مهما بلغ درجة من الأهمية والقدرات الإبداعية فلن يغني عن الابتكار والإبداع البشري، بل إن فن الكاريكاتور الذي كنا نألفه ونتعايش معه بالتحليل والرأي وفك طلاسمه حين يغمز فنانا بريشته موضوعات وشخصيات وأحداثا على صفحات الصحف والمجلات، إذ سجل تراجعا في دوره بتراجع بيئته الإعلامية التي كان يمارس إبداعه فيها ويرسم خرائطه على أجزائها.
البيئة الإعلامية تشهد انتقالة وإزاحة إجبارية سريعة من الواقعية الى الرقمية، والجميع يعيش في مرحلة جديدة منها، إذ إن العالم هو ليس عالم الأمس، فالخوارزميات الرقمية فرضت نمط حياة جديدا، وأي إبداع بشري بات أمام منافسة شرسة يفرضها الذكاء الاصطناعي عليه، وكالعادة فإن كل صاحب خبرة وموهبة ونجاح لا يريد أن يتنازل عنها لصالح الذكاء الاصطناعي، وهو ذات الجدل الدولي الدائر بين الصين والولايات المتحدة باتهام الأخيرة للأولى بسرقة الملكية الفكرية على خلفية تسجيلها تفوقا في كثير من مجالات الحياة الإبداعية على الولايات المتحدة الأمريكية مستندة إلى عالم التكنولوجيا.
{ كاتب وأكاديمي عراقي
faidel.albadrani@gmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك