العدد : ١٧١٩٨ - الخميس ٢٤ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٦ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٩٨ - الخميس ٢٤ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٦ شوّال ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الريادة البحرينية في حوارات الأديان والثقافات

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الجمعة ٢١ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

تعد‭ ‬الريادة‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬حوارات‭ ‬الأديان،‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬تجليات‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬والتي‭ ‬حرصت‭ ‬على‭ ‬تعزيزها،‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬إدراكها‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحوارات‭ ‬تضيق‭ ‬من‭ ‬مجالات‭ ‬الاختلاف،‭ ‬وتوسع‭ ‬مجالات‭ ‬الاتفاق،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬نزع‭ ‬فتيل‭ ‬التوتر،‭ ‬الذي‭ ‬يفضي‭ ‬إليه‭ ‬التعصب‭ ‬الديني‭ ‬والمذهبي،‭ ‬وما‭ ‬يمثله‭ ‬من‭ ‬تهديد‭ ‬للأمن‭ ‬والسلام‭ ‬المجتمعي‭.‬

وتُبنى‭ ‬هذه‭ ‬الريادة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تمتعت‭ ‬به‭ ‬البحرين،‭ ‬تاريخيًا‭ ‬من‭ ‬احترام‭ ‬للحريات‭ ‬الدينية،‭ ‬وحرية‭ ‬الأفراد‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬شعائرهم‭ ‬الدينية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كفله‭ ‬دستورها،‭ ‬ونظمته‭ ‬تشريعاتها‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬دور‭ ‬العبادة،‭ ‬عرفت‭ ‬المملكة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المساجد‭ (‬1337‭ ‬مسجدا‭)‬؛‭ ‬المآتم‭ (‬634‭ ‬مأتما‭)‬،‭ ‬والكنائس‭ (‬19‭ ‬كنيسة‭)‬،‭ ‬والكنيس‭ ‬اليهودي،‭ ‬والمعابد‭ ‬البوذية‭ ‬والهندوسية،‭ ‬ووفرت‭ ‬الحكومة‭ ‬لأتباع‭ ‬الديانات‭ ‬والمذاهب‭ ‬المختلفة‭ ‬المساحات‭ ‬التي‭ ‬تقام‭ ‬عليها‭ ‬تلك‭ ‬المعابد‭. ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬استضافت‭ ‬البحرين،‭ ‬برعاية‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬وبحضور‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬أحمد‭ ‬الطيب،‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف،‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬حكماء‭ ‬المسلمين؛‭ ‬مؤتمر‭ ‬الحوار‭ ‬الإسلامي،‭ ‬يومي‭ ‬19‭ ‬و20‭ ‬فبراير2025،‭ ‬بمشاركة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬400‭ ‬شخصية‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬والمرجعيات‭ ‬الإسلامية‭ ‬والمفكرين‭ ‬والمثقفين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭. ‬

ويأتي‭ ‬انعقاد‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر،‭ ‬استجابة‭ ‬لدعوة‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬خلال‭ ‬ملتقى‭ ‬البحرين‭ ‬للحوار،‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022،‭ ‬التي‭ ‬شددت‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تعزيز‭ ‬وحدة‭ ‬الأمة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬القواسم‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬مذاهبها،‭ ‬وتحفيز‭ ‬الحوار‭ ‬البنّاء‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭. ‬ويهدف‭ ‬المؤتمر،‭ ‬إلى‭ ‬لمّ‭ ‬شمل‭ ‬المسلمين‭ ‬بمختلف‭ ‬أطيافهم،‭ ‬وإبراز‭ ‬مساحات‭ ‬الاتفاق‭ ‬الواسعة‭ ‬بينهم،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تعزيز‭ ‬دور‭ ‬العلماء‭ ‬والمرجعيات‭ ‬الدينية‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬الخلافات،‭ ‬والتصدي‭ ‬لخطاب‭ ‬الكراهية،‭ ‬وترسيخ‭ ‬قيم‭ ‬التفاهم‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل،‭ ‬كما‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تجديد‭ ‬الفكر‭ ‬الإسلامي‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الراهنة‭ ‬وأسباب‭ ‬الفرقة‭ ‬والنزاع،‭ ‬التي‭ ‬استغلها‭ ‬البعض‭ ‬لإحداث‭ ‬الانقسامات‭ ‬داخل‭ ‬الأمة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وإبعادها‭ ‬عن‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الحقيقية‭. ‬ومن‭ ‬هنا،‭ ‬جاء‭ ‬اختيار‭ ‬عنوان‭ ‬المؤتمر‭ ‬أمة‭ ‬واحدة‭ ‬ومصير‭ ‬مشترك،‭ ‬تأكيدًا‭ ‬لأهمية‭ ‬التكاتف‭ ‬لمجابهة‭ ‬التحديات‭ ‬المشتركة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬وحدة‭ ‬الصف‭ ‬الإسلامي‭.‬

ولدى‭ ‬زيارتها‭ ‬الرسمية‭ ‬للبحرين‭ ‬في‭ ‬يناير2025؛‭ ‬أكدت‭ ‬رئيسة‭ ‬الوزراء‭ ‬الإيطالية‭ ‬جورجيا‭ ‬ميلوني،‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬تعد‭ ‬نموذجًا‭ ‬رائدًا،‭ ‬لتعزيز‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الأديان‭ ‬والثقافات،‭ ‬مشيدة‭ ‬بدورها‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬مبادئ‭ ‬التعايش‭ ‬السلمي‭ ‬والحوار‭ ‬الحضاري،‭ ‬وأن‭ ‬استقبالها‭ ‬لبابا‭ ‬الفاتيكان‭ ‬فرنسيس،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬يعكس‭ ‬التزامها‭ ‬الراسخ،‭ ‬بتعزيز‭ ‬التفاهم‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الأديان‭ ‬والثقافات‭. ‬وجاءت‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬جهود‭ ‬المملكة‭ ‬لتعزيز‭ ‬التواصل‭ ‬الإنساني،‭ ‬وترسيخ‭ ‬الحوار‭ ‬الحضاري‭ ‬بين‭ ‬الأديان؛‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬مكانتها‭ ‬كمركز‭ ‬عالمي‭ ‬للحوار‭ ‬الثقافي‭ ‬والتعايش‭ ‬السلمي‭. ‬وقد‭ ‬شارك‭ ‬البابا،‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022‭ ‬في‭ ‬ملتقى‭ ‬للحوار‭ ‬جمع‭ ‬قادة‭ ‬الأديان،‭ ‬ورموز‭ ‬الفكر،‭ ‬والثقافة‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭.. ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دعم‭ ‬الإخوة‭ ‬الإنسانية‭ ‬والتعايش‭ ‬بين‭ ‬الجميع،‭ ‬وذلك‭ ‬تأكيدًا‭ ‬لأهمية‭ ‬بناء‭ ‬جسور‭ ‬التفاهم،‭ ‬وتعزيز‭ ‬قيم‭ ‬السلام‭ ‬المشترك‭.‬

وفي‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬لهذا‭ ‬الملتقى،‭ ‬أعلنت‭ ‬البحرين‭ ‬إنشاء‭ ‬جائزة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬الدولية‭ ‬للحوار‭ ‬والتعايش‭ ‬السلمي‭ -‬والتي‭ ‬صدر‭ ‬بها‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬الأمر‭ ‬الملكي‭ ‬رقم‭ ‬32‭ ‬لسنة‭ ‬2024‭- ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬الملتقى‭ ‬قد‭ ‬انعقد‭ ‬برعاية‭ ‬كريمة‭ ‬من‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬وبتنظيم‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬حكماء‭ ‬المسلمين،‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للشؤون‭ ‬الإسلامية،‭ ‬بالمملكة،‭ ‬ومركز‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬للتعايش‭ ‬السلمي،‭ ‬بمشاركة‭ ‬وحضور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬شخصية‭ ‬من‭ ‬رموز‭ ‬وقادة‭ ‬ممثلي‭ ‬الأديان‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬شخصيات‭ ‬فكرية،‭ ‬وإعلامية‭ ‬بارزة،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬اهتمام‭ ‬المملكة‭ ‬بتعلية‭ ‬قيم‭ ‬الحوار‭ ‬وقبول‭ ‬الآخر‭ ‬والتسامح‭ ‬والعيش‭ ‬المشترك،‭ ‬ونبذ‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬التطرف‭ ‬والعنصرية‭ ‬والتمييز‭ ‬بين‭ ‬البشر‭. ‬وكان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬مخرجات‭ ‬هذا‭ ‬الملتقى،‭ ‬تكوين‭ ‬اللجنة‭ ‬الدائمة‭ ‬للحوار‭ ‬الإسلامي‭ ‬المسيحي‭ ‬بين‭ ‬مجلس‭ ‬حكماء‭ ‬المسلمين‭ ‬والفاتيكان،‭ ‬والتي‭ ‬استضافت‭ ‬المملكة‭ ‬الاجتماع‭ ‬الأول‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2023‭.‬

ويلفت‭ ‬انعقاد‭ ‬مؤتمر‭ ‬الحوار‭ ‬الإسلامي‭ ‬الإسلامي،‭ ‬إلى‭ ‬سلسلة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الفعاليات‭ ‬على‭ ‬خطى‭ ‬حوارات‭ ‬الأديان،‭ ‬شاركت‭ ‬فيها‭ ‬المملكة،‭ ‬أو‭ ‬بادرت‭ ‬إليها‭ ‬أو‭ ‬احتضنتها،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬داعمة‭ ‬لقرار‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬تسمية‭ ‬عام‭ ‬2001‭ ‬عامًا‭ ‬للحوار‭ ‬بين‭ ‬الحضارات،‭ ‬واعتماد‭ ‬برنامج‭ ‬عالمي‭ ‬للحوار‭ ‬بين‭ ‬الحضارات‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬ذاته،‭ ‬وأبدت‭ ‬استعدادها‭ ‬لاستضافة‭ ‬أمانة‭ ‬عامة‭ ‬لحوار‭ ‬الأديان‭ ‬والثقافات‭ ‬ليكون‭ ‬مقرها‭ ‬البحرين،‭ ‬ودعا‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬إعلان‭ ‬عالمي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬يعزز‭ ‬دور‭ ‬الأديان‭ ‬في‭ ‬إرساء‭ ‬السلام‭ ‬والعدالة‭ ‬والحرية‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

وفي‭ ‬مارس‭ ‬2002،‭ ‬استضافت‭ ‬البحرين،‭ ‬ندوة‭ ‬حوار‭ ‬الحضارات‭ ‬بين‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬واليابان،‭ ‬برعاية‭ ‬الممثل‭ ‬الخاص‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأسبق‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك؛‭ ‬بهدف‭ ‬تشجيع‭ ‬الحوار‭ ‬الحضاري‭ ‬البناء‭ ‬بين‭ ‬المفكرين‭ ‬الإسلاميين‭ ‬واليابانيين،‭ ‬وترسيخ‭ ‬أواصر‭ ‬التفاهم‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬واليابان‭. ‬وفي‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬العام،‭ ‬استضافت‭ ‬مؤتمر‭ ‬الحوار‭ ‬الإسلامي‭ ‬المسيحي،‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬العاشرة،‭ ‬بحضور‭ ‬عشرات‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬والمسيحي،‭ ‬والذي‭ ‬أكد‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬اتخاذ‭ ‬الدين‭ ‬ستارًا‭ ‬أو‭ ‬مبررًا‭ ‬لسلب‭ ‬الممتلكات،‭ ‬أو‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬الأرواح‭ ‬والمقدسات،‭ ‬خاصة‭ ‬مقدسات‭ ‬المسلمين‭ ‬والمسيحيين‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬الشريف،‭ ‬والأماكن‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬

وقد‭ ‬تَوَّج‭ ‬المؤتمر،‭ ‬أعماله‭ ‬بإصدار‭ ‬إعلان‭ ‬المنامة،‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭ ‬ترسيخ‭ ‬قيم‭ ‬الحوار‭ ‬سبيلاً‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬التعايش‭ ‬السلمي‭ ‬ونبذ‭ ‬العنف،‭ ‬وتبادل‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ويحقق‭ ‬أمن‭ ‬وسعادة‭ ‬البشرية،‭ ‬ويجنبها‭ ‬مخاطر‭ ‬الصدام‭ ‬والصراع،‭ ‬ودعا‭ ‬السلطات‭ ‬إلى‭ ‬التصدي‭ ‬لمعالجة‭ ‬العنف‭ ‬بالحوار‭ ‬البناء،‭ ‬وليس‭ ‬بالقمع‭ ‬والقسوة‭. ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر‭ ‬قد‭ ‬انعقد‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬دور‭ ‬الأديان‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التعايش‭ ‬السلمي‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬المعاصرة‭.‬

وفي‭ ‬سبتمبر‭ ‬2003،‭ ‬احتضنت‭ ‬المملكة،‭ ‬مؤتمر‭ ‬التقريب‭ ‬بين‭ ‬المذاهب‭ ‬الإسلامية،‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭ ‬التمسك‭ ‬بالوحدة‭ ‬بين‭ ‬الجميع،‭ ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬انتماءاتهم‭ ‬المذهبية‭ ‬والعرقية،‭ ‬لمواجهة‭ ‬محاولات‭ ‬زرع‭ ‬الفتن‭ ‬الطائفية،‭ ‬وضرب‭ ‬كيان‭ ‬المجتمع‭ ‬وتمزيق‭ ‬أوصاله‭. ‬ودعت‭ ‬التوصيات‭ ‬التي‭ ‬أصدرها‭ ‬المؤتمر‭ -‬الذي‭ ‬ضم‭ ‬110‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬الدين‭ ‬المنتمين‭ ‬إلى‭ ‬سبعة‭ ‬مذاهب‭ ‬إسلامية‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬سنة‭ ‬وشيعة‭- ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬الخطاب‭ ‬الإسلامي،‭ ‬كي‭ ‬يصبح‭ ‬خطابًا‭ ‬وسطيًا،‭ ‬والتزام‭ ‬الوسطية‭ ‬والاعتدال‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬التعصب،‭ ‬وتبني‭ ‬منهج‭ ‬وسطي‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬الكتب‭ ‬والمؤلفات،‭ ‬بحيث‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬التشهير‭ ‬والتجريح،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬الفتن‭ ‬ويدعو‭ ‬إلى‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬المسلمين‭.‬

وفي‭ ‬يناير‭ ‬2008،‭ ‬كان‭ ‬منتدى‭ ‬البحرين‭ ‬الأول‭ ‬لحوار‭ ‬الحضارات،‭ ‬بمشاركة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬400‭ ‬شخصية‭ ‬ينتمون‭ ‬لـ‭ ‬60‭ ‬بلدًا‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬وأوروبا،‭ ‬حيث‭ ‬دعا‭ ‬المشاركون‭ ‬إلى‭ ‬نبذ‭ ‬العنف‭ ‬والقمع،‭ ‬والتحلي‭ ‬بروح‭ ‬التسامح‭ ‬والصبر‭ ‬والقبول‭ ‬بالتنوع‭ ‬الثقافي،‭ ‬وناقش‭ ‬المنتدى‭ ‬أهمية‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الشعوب،‭ ‬والتقارب‭ ‬بين‭ ‬الأديان،‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الإسلامي‭ ‬وعلاقته‭ ‬بالتجارة‭ ‬الدولية‭. ‬وفي‭ ‬يوليو‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬نفسه،‭ ‬التقى‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬البابا‭ ‬بندكت‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬قداسته،‭ ‬لدى‭ ‬زيارة‭ ‬الملك‭ ‬الرسمية‭ ‬لإيطاليا،‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬أهمية‭ ‬مد‭ ‬جسور‭ ‬التفاهم‭ ‬والتعايش،‭ ‬وتأكيد‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬المشتركة‭. ‬وفي‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬ذاته،‭ ‬شارك‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬بمقر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بنيويورك،‭ ‬الذي‭ ‬نظم‭ ‬بمبادرة‭ ‬من‭ ‬الملك‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز،‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬ثقافة‭ ‬السلام‭ ‬والحوار‭ ‬بين‭ ‬الأديان‭ ‬والثقافات‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬استضافت‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2014،‭ ‬فعاليات‭ ‬مؤتمر‭ ‬حوار‭ ‬الحضارات‭ ‬والثقافات،‭ ‬الهادف‭ ‬إلى‭ ‬تأكيد‭ ‬مبدأ‭ ‬التسامح‭ ‬واحترام‭ ‬التنوع‭ ‬الديني‭ ‬والثقافي،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التعايش‭ ‬السلمي،‭ ‬بمشاركة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬150‭ ‬شخصية‭ ‬دينية‭ ‬وثقافية‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الديانات‭ ‬والثقافات‭. ‬وجاء‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر،‭ ‬امتدادًا‭ ‬لمؤتمر‭ ‬الحوار‭ ‬الإسلامي‭ ‬المسيحي‭ ‬في‭ ‬2002،‭ ‬ومؤتمر‭ ‬الحوار‭ ‬الإسلامي‭ ‬الإسلامي‭ ‬في‭ ‬2003‭.‬

وفي‭ ‬نوفمبر‭ ‬2016،‭ ‬وقعت‭ ‬البحرين،‭ ‬اتفاقية‭ ‬مع‭ ‬جامعة‭ ‬سابنزا،‭ ‬الإيطالية،‭ ‬تقضي‭ ‬بتمويلها‭ ‬كرسي‭ ‬باسم‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬الجامعة،‭ ‬لتدريس‭ ‬الحوار‭ ‬والسلام‭ ‬والتعايش‭ ‬بين‭ ‬الأديان،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬وأعرق‭ ‬الجامعات‭ ‬الإيطالية؛‭ ‬ما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تدريس‭ ‬القيم‭ ‬النبيلة‭ ‬التي‭ ‬تنادي‭ ‬بها‭ ‬المملكة،‭ ‬خاصة‭ ‬التقريب‭ ‬بين‭ ‬الأديان‭ ‬والمذاهب،‭ ‬كما‭ ‬شهدت‭ ‬مدينة‭ ‬لوس‭ ‬أنجلوس،‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬2017،‭ ‬إعلان‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬للحوار‭ ‬بين‭ ‬الأديان‭ ‬والتعايش‭ ‬السلمي‭. ‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬دشن‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬بالأمر‭ ‬الملكي‭ ‬رقم‭ ‬15‭ ‬لسنة‭ ‬2018،‭ ‬مركز‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬للتعايش‭ ‬السلمي،‭ ‬كمركز‭ ‬رائد‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم؛‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬الحرية‭ ‬الدينية،‭ ‬والحوار‭ ‬بين‭ ‬الأديان،‭ ‬والتعايش‭ ‬السلمي‭ ‬والتنوع‭ ‬الإنساني،‭ ‬ومكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتطرف‭ ‬والعنف‭ ‬والكراهية‭. ‬ومنذ‭ ‬تأسيسه،‭ ‬تعددت‭ ‬أنشطته،‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬برامج‭ ‬ومبادرات‭ ‬ودورات،‭ ‬تترجم‭ ‬رؤية‭ ‬الملك،‭ ‬كتأسيس‭ ‬مركز‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬للسلام‭ ‬السيبراني،‭ ‬لتعزيز‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬نيويورك،‭ ‬وإطلاق‭ ‬وسام‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬للتعايش‭ ‬السلمي،‭ ‬لتكريم‭ ‬خيرة‭ ‬الشخصيات‭ ‬والمنظمات‭ ‬العالمية‭ ‬الداعمة‭ ‬للقيم‭ ‬الإنسانية‭. ‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فتح‭ ‬المركز،‭ ‬قنوات‭ ‬تعاون‭ ‬مع‭ ‬أعرق‭ ‬الجامعات‭ ‬العالمية؛‭ ‬بهدف‭ ‬إعداد‭ ‬جيل‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬القادة‭ ‬يؤمن‭ ‬بالتعايش‭ ‬والتسامح‭ ‬وقبول‭ ‬الآخر‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬تم‭ ‬تخريج‭ ‬الدفعة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬المركز‭ ‬في‭ ‬دبلوم‭ ‬التعايش‭ ‬السلمي،‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬جامعة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للسلام،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬مبادراته،‭ ‬تدشين‭ ‬برنامج‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬للقيادة‭ ‬في‭ ‬التعايش‭ ‬السلمي،‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬جامعة‭ ‬أكسفورد،‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬لإعداد‭ ‬جيل‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬البحرينيين‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬المؤهلين‭ ‬لنشر‭ ‬ثقافة‭ ‬السلام‭. ‬ومن‭ ‬أحدث‭ ‬فعاليات‭ ‬المركز،‭ ‬الندوة‭ ‬التي‭ ‬نظمها‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬وهيئة‭ ‬المعلومات‭ ‬والحكومة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬حول‭ ‬الحماية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الرقمي،‭ ‬بمشاركة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬ممثلي‭ ‬مختلف‭ ‬الأديان‭ ‬والطوائف‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني‭ ‬وخبراء‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬والتحول‭ ‬الرقمي‭.‬

وإضافة‭ ‬إلى‭ ‬احتضانها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬فعاليات‭ ‬حوارات‭ ‬الأديان،‭ ‬ومبادراتها‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬هذا‭ ‬الحوار،‭ ‬ظلت‭ ‬المملكة،‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحوارات،‭ ‬التي‭ ‬تبادر‭ ‬إليها‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬مقدمة‭ ‬رؤيتها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬إدراكًا‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬الحوار‭ ‬هو‭ ‬السبيل‭ ‬الأمثل‭ ‬لمعالجة‭ ‬قضايا‭ ‬العالم‭ ‬المختلفة،‭ ‬وهو‭ ‬يفضي‭ ‬إلى‭ ‬التعاون‭ ‬والأخوة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬كما‭ ‬كرست‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬التنشئة،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬أو‭ ‬المنشآت‭ ‬الشبابية،‭ ‬مناهج‭ ‬التربية‭ ‬على‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬وقبول‭ ‬الآخر‭. ‬

وعليه،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬غريبًا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬إجماع‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب،‭ ‬أن‭ ‬البحرين،‭ ‬تمثل‭ ‬نموذجا‭ ‬فريدا‭ ‬في‭ ‬التعايش‭ ‬والحوار‭ ‬بين‭ ‬الأديان‭ ‬والثقافات،‭ ‬وهو‭ ‬الحوار‭ ‬الذي‭ ‬يرسخ‭ ‬صوت‭ ‬العقل‭ ‬والحكمة‭ ‬والرشادة،‭ ‬ويجعل‭ ‬من‭ ‬التنوع‭ ‬مصدر‭ ‬إثراء،‭ ‬ويعلي‭ ‬الاتفاق‭ ‬ويقلل‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬الاختلاف‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا