يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
ترامب والنظام العالمي الجديد
تحدثت أمس عما يفعله الرئيس الأمريكي ترامب في العالم وما يتخذه من موقف وقرارات، وذكرت أنه يلحق ضررا جسيما بأمريكا وسينتهي الأمر يتراجع مكانتها العالمية وانهيار نفوذها في العالم.
هذه القضية ناقشها محللون وكتاب كثيرون أمريكيون وأوروبيون وطرحوا بشأنها أفكارا كثيرة من المهم أن نتابعها.
من بين هذه التحليلات اخترت اثنين من أهم ما نُشر في هذا الشأن.
التحليل الأول نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية كتبه بين رودس وهو نائب مستشار الأمن القومي في عهد أوباما بعنوان «هذا ليس دونالد ترامب الذي انتخبته أمريكا».
الفكرة الرئيسية في التحليل أن «سياسة ترامب الخارجية تعكس تراجعا في ثقة أمريكا بنفسها، ما يهدد بإضعاف مكانتها العالمية».
يقول إن تأسيس الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (يو إس إيد)، جاء حين كانت السياسة الخارجية تركز على الدفاع عن الحرية وتعزيز المؤسسات الدولية. لكن في الوقت الحالي، فإن أمريكا اليوم تهدد بغزو الدول الصغيرة، والانسحاب من المؤسسات الدولية، وتؤيد تنفيذ التطهير العرقي في غزة.
يعتبر الكاتب أن هذا التحول في السياسة الخارجية يعكس تراجعا في مفاهيم مثل الحرية وتقرير المصير والأمن الجماعي، التي تعد قيما أساسيةً في أمريكا بعد خوضها حربين عالميتين.
وفي رأيه أن سياسة ترامب الخارجية «تفقد أمريكا الثقة والاحترام الدولي، ولا تعكس القوة. ويبدو ترامب في سعيه لتوسيع نفوذه، أقرب إلى القادة المستبدين الذين يسعون إلى التوسع الإقليمي لترسيخ سلطتهم».
يقول الكاتب: «إن أهداف ترامب لا تعكس القوة، بل تعكس تصرفات «صبيانية»، فتهديداته بغزو بنما وغرينلاند أو الحروب التجارية مع كندا والمكسيك تُظهر «عدوانية» تقوّض مكانة الولايات المتحدة دوليا».
ويضيف: لو كان ترامب يهتم بالفعل بمعاناة أهل غزة، لما سعى إلى تدمير وكالة للتنمية الدولية المسؤولة عن دعم إعادة الإعمار، وتقديم المساعدة الإنسانية هناك.
على هذا النحو إذن يحذر المسئول الأمريكي السابق في تحليله من النتائج الخطيرة لسياسات ترامب في تراجع القوة والمكانة الأمريكية في العالم.
التحليل الثاني نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية للكاتبة نسرين مالك تحت عنوان «دونالد ترامب يعيد تشكيل العالم، لكن النتيجة حتما لن تعجبه».
الكاتبة تتبنى الرأي نغسه وتقول إن «التحولات الكبرى في السياسة الخارجية الأمريكية تحت إدارة ترامب، تسحب الولايات المتحدة من العالم وتقلل من دورها». وتضيف أنه في الوقت الذي يدعي فيه ترامب أن بلاده لا يمكنها التدخل في شؤون العالم إلا إذا كانت مصالحها مهددة، فإنه في الوقت نفسه يتبنى سياسة أحادية الجانب، وتوجهات غير ثابتة تهدد استقرار التحالفات التقليدية، على حد قولها.
وترى الكاتبة أن الولايات المتحدة تحت إدارة ترامب ستتراجع في دورها كقوة عظمى، وأنها تتجه فعليا نحو «الانسحاب» من العالم، وهو ما ينعكس على «تعزيز فرصة استبدالها بشكل تدريجي بقوى أخرى مثل الصين وروسيا».
وتعتبر أن الانسحاب الأمريكي يترك فراغا قد يعزز ظهور «نظام عالمي جديد»، حيث لم تعد الولايات المتحدة القوة الوحيدة المسيطرة.
باختصار ترى «أن العالم على أبواب مرحلة جديدة، حيث يمكن أن تتنافس القوى العالمية بشكل أكبر، بينما تسحب أمريكا يدها تدريجياً من قضايا أساسية كانت تهيمن عليها في الماضي ترامب جعل الولايات المتحدة مضطربة وغير مستقرة، ويأخذها إلى عالم تتقوض فيه قدرتها على دفع أي أجندة ترغب فيها، في ظل صعود دول وحدوث ترتيبات أخرى تعيد كتابة النظام العالمي».
كما نرى التحليلان يطرحان الفكرة نفسها. ترامب يقود أمريكا إلى التراجع وانحسار مكانتها العالمية، وأن هذا التطور يمكن أن يفسح المجال أمام قوى عالمية أخرى وقيام نظام عالمي جديد.
هذه الأفكار تستحق الاهتمام، فبحسب هذه التحليلات وغيرها من الممكن فعلا أن يعجل ما يفعله ترامب بقيام نظام عالمي جديد. ولو صح هذا التقدير فستكون المفارقة أن ترامب قدم خدمة للعالم.
المشكلة أنها حتى يتحقق هذا من الممكن أن يغرق ترامب العالم في الفوضى والصراعات المدمرة.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك