الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
عن تأخير صرف التعويضات والمستحقات
(شوط الشبعان على الجوعان بطي).. (اللي يده في النار غير اللي يده في الماي).. هي أمثال خليجية يعرفها الناس، وتقال عند تأخر صرف الحقوق.. وعدم معرفة البعض بمعاناة المتضررين.
ومن الأمثال العالمية التي تقال عند تأخير إنجاز المعاملات وصرف الحقوق والتعويضات: (المماطلة هي لص الوقت.. تأخير الوفاء بالوعد هو تأخير للحق.. التسويف آفة النفس الإنسانية.. التسويف خدعة النفس العاجزة والهمة القاعدة).
ثمة مسألة متكررة.. وقضية متشابهة.. وحكاية متطابقة.. تكاد تكون موجودة في معظم مؤسسات القطاع العام والقطاع الخاص.. سببها الأول والأبرز هو بطء الإجراءات والمراجعات.. عند طلب التعويضات والمستحقات، ورد الحقوق والتسويات.. خاصة المالية منها.
عند وقوع حادث مروري، يعيش المواطن «دوامة» لا نهاية لها مع شركات التأمين، بدءا من التقرير المروري.. إلى زيارات واتصالات.. إلى توفير سيارة بديلة.. إلى البحث عن الورش والكراجات.. إلى مدة التصليح والبحث عن قطع الغيار.. تكون الطامة الكبرى حينما تبلغك «وكالة السيارات» أن قطع الغيار غير موجودة في البلاد، وسيتم طلبها من بلد المصنع.. وتتعقد الأمور أكثر إن كان الطرف الآخر هو المتسبب في الحادث.. وتزداد الأمور صعوبة وطول انتظار عندما تتقاذف المسؤوليات بين شركات التأمين، خاصة عند «تكنسل» السيارة، والمطالبة بمال التعويض.
خذ مثالا آخر.. التسويات المالية في الأحكام القضائية، تكون مدتها طويلة جدا.. ليس لأن الأمر متعلق بحقوق وتشعبات بين عدة أطراف.. هذا كلام يجب ألا يقال اليوم في عصر التكنولوجيا والتحول الإلكتروني والرقمي.. بعض تسويات مالية تكون بالأقساط.. ويكون القسط «بالقطارة».. قد يصل إلى عشرات السنين..!!
وعندما توجه الدولة مشكورة بصرف تعويضات للمتضررين من الأمطار «مثلا».. ينتهي فصل الشتاء، وندخل في فصل الربيع، ثم بعده الصيف، ويحل الخريف.. ويمر حول كامل.. والتعويض لا يصرف.. إلا عند تحوله إلى قضية رأي عام.. ومطالبات ومناشدات.. شعبية وإعلامية.. وفي المواقع والمنصات والحسابات الإلكترونية..!!
أصحاب العمارات والبنايات والشقق السكنية والمحلات والمؤسسات.. بعضهم «يدوخ ألف دوخة» من أجل الحصول على مستحقاته المتأخرة للإيجارات.. أو مماطلة البعض عند تسديد الأقساط الشهرية أو هروبه.. ربما وحدها البنوك والمؤسسات المالية التي «تفرح» بتأخر سداد الأقساط، لأن هناك مادة جزائية تفرض المزيد من الرسوم عند تأخير السداد الشهري.. وصولا إلى سحب ما تم اقتراضه.. شقة أو سيارة أو بيت أو جهاز.
شركات السفر تقع فيها هذه المسألة.. مؤسسات المقاولات والعقارات تتكرر فيها تلك القضية.. حتى عند قيام مؤسسة أو محل تجاري بسحب مبلغ أكثر من اللازم من المشتري عبر السحب الالكتروني، يكون استرجاع المبلغ كالبحث عن أمر مفقود وطلب الفاتورة الأصلية وغيرها من شهادات وإثباتات ومستندات..!!
عند وقوع خطأ في احتساب رسوم معينة، أو عدم صرف مستحقات مالية للمواطن بسبب خلل في «الجهاز وتعطل في النظام».. يكون التعويض والصرف بعد فترة طويلة، ترهق من كاهل وأعصاب المواطن.. والسبب خطأ غير مقصود من الجهة المختصة.
مؤخرا.. نجحت الهيئة الرياضية في صرف المستحقات المتأخرة اللاعبين والمدربين بسبب مماطلة وإجراءات الأندية الرياضية.. من خلال خصم تلك المستحقات من الميزانيات المخصصة للأندية.. الأمر الذي ساهم في الحصول على الحقوق وإن كانت متأخرة، بسبب عدم التزام الأندية بالعقود.
أمور كثيرة يعيشها المواطن ويعاني منها.. تتأخر حقوقه.. تتعطل مصالحه.. تتراكم التزاماته.. وتكثر ملاحقته من «الديانة».. وهو بانتظار استلام حقوقه المتأخرة والمتعطلة من الجهة المعنية.. لقد تحولت هذه المسألة إلى «عادة» إدارية سلبية.. ثقيلة ومتعبة.
لا بد من إعادة مراجعة ما يحصل.. في شركات التأمين وغيرها.. لا بد من تعديل تشريعي وإجرائي وتنفيذي.. الأمر متعلق بالمواطن والأسرة.. التاجر والمستثمر.. الورثة والأيتام والأرامل.. المرضى والمصابين.. وكافة الأطراف.
سيكون من اللازم عند الحديث عن تقييم وتطور أي مؤسسة، عامة أو خاصة، النظر في سرعة إجراءات صرف التعويضات والتسويات.. والحقوق أولا.. ذلك لأن تأخير صرف التعويضات والمستحقات يستوجب المراجعة والتعديل العاجل.. ولنبدأ بشركات التأمين.. ومن بعدها باقي الجهات والمؤسسات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك