الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
لماذا لم نعد نتأثر بمآسي فلسطين؟
أول السطر:
في مهرجان «ليالي المحرق» استوقفني في بيت الجلاهمة معرض للمقتنيات القديمة للنائب محمد جناحي، ويتضمن وثائق تاريخية، وأوراقا رسمية، وطوابع بريدية لحكومة البحرين، تعود إلى عام 1924، وفيها أول طوابع مالية صدرت من البحرين، وسعرها كان يبدأ من (4 آنات) إلى (200 روبية)، في ذلك الزمن.. وكانت مخصصة للمعاملات الرسمية والتصديق على الأوراق والجوازات، بجانب العديد من المقتنيات النادرة.. وأتمنى على وزارة المالية والاقتصاد الوطني أن تقتني تلك الطوابع والوثائق، وتضعها في متحف خاص داخل الوزارة، ليطلع عليها المواطنون والوفود الزائرة، لأنها تعكس المسيرة العريقة لمملكة البحرين.
لماذا لم نعد نتأثر بمآسي فلسطين؟:
في لقاء تلفزيوني مع الفنان المصري المثقف الراحل نور الشريف، رحمه الله، قال كلاما عن تحول مشاعرنا وتبلّد أحاسيسنا مع مشاهد القتل والترويع في فلسطين، حيث قال: لقد بدأنا نكره.. ولم يعد يؤثر فينا مشهد الشهيد الفلسطيني.. في السابق كنا نرى صور ولقطات الشهيد الفلسطيني وهو مكفن بالعلم الفلسطيني.. كانت أجسامنا ترتعش.. وقلوبنا تتقطع.. ومشاعرنا تتفطر.. أما اليوم فقد أصبح ذلك المشهد مجرد لقطة مكررة في مسلسل «بايخ».. لم يبق للشهداء والدماء حرمة! فهل أصبح الإنسان بلا حرمة؟».
وبالأمس قالت منظمة الصحة العالمية إن الغارة التي شنتها القوات الإسرائيلية على مستشفى كمال عدوان في فلسطين.. أخرجت «آخر مرفق صحي رئيسي في شمال غزة عن الخدمة».. وهذا الخبر -للأسف- كغيره من الأخبار.. لم يؤثر فينا.. ولم يعد يستوقفنا.. ليس لأننا لم نعد نهتم بالقضية الفلسطينية، ولكن لأن كثرة الانتهاكات والتجاوزات، وجرائم القتل ضد الفلسطينيين الأبرياء جعلتنا بلا شعور.. من كثرة الآلام والجراح.
منذ أيام اطلعت على مقال للأستاذ أسامة خلف، بعنوان: (لماذا لم تعد صور الأشلاء تؤثر فينا؟)، حيث كتب قائلا: «ما الذي تغير علينا؟ وما الذي جرى لنا؟ لماذا أصبحنا لا نبكي على القتلى؟ لماذا أصبح خبر الموت مجرد رقم؟ أذكر وقوع حوادث سير بكينا عليها أياما، ونحن لا نعرف الضحايا.. وكم من عمارة سكنية فجعتنا عندما هوت على ساكنيها، وكم من طفل جعلنا نحمل آلام وأوجاع عدم القدرة على توفير العلاج له، فلفظ أنفاسه وحرق قلوب الملايين، وبثت القصة على شاشات التلفاز، وظلت تؤثر فينا، بل تبكينا.. فماذا جرى لقلوبنا حتى أصبحت مثل الحجارة؟
ما الذي جرى حتى أصبحنا نجلس على شاشات التلفاز، ونمر على خبر مقتل العشرات في فلسطين وغيرها، فنستمع إلى الخبر وكأنه حديث عابر كأي خبر رياضي، وربما كخبر فني، ثم لا نلقي بالا، ونبدأ في البحث عن محطة للترفيه أو الدراما، وربما الغناء؟ لا أدري حد فقدنا لمشاعرنا.. هل سيأتي يوم علينا نمر فيه قرب الجثث وكأننا لم نرها؟ هل سيأتي يوم علينا نجلس ونتسامر ونشرب الشاي والقهوة ونستمتع بجوار أناس يصرخون من جراحهم، والأشلاء تناثرت في المكان.. لا أعتقد أن مشاعرنا ماتت، لنصل إلى هذه المرحلة.. ولكنه سيناريو مقيت لمستقبل تتسارع فيه الحروب حتى أصبحت روتينا».
آخر السطر:
اليوم 31 ديسمبر 2024، يسدل ستار عام مضى.. حمل معه ذكريات ومواقف كثيرة، ونجاحات وتجارب عديدة.. وغدا الأول من يناير 2025، نبدأ عاما جديدا.. وندعو الله أن يكون عام خير وصحة وتوفيق للجميع.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك