دمشق - (أ ف ب): وصلت إلى دمشق أمس عدة بعثات دبلوماسية للقاء السلطات الجديدة التي تهيمن عليها هيئة تحرير الشام الإسلامية التي تسعى بدورها إلى طمأنة العواصم الأجنبية بشأن قدرتها على تهدئة الأوضاع في سوريا بعد نزاع مدمر استمرّ أكثر من 13 عاما.
أوفدت فرنسا التي عاد علمها ليرفرف فوق سفارتها المقفلة منذ عام 2012 مبعوثا وكذلك فعلت المانيا والمملكة المتحدة والأمم المتحدة من أجل إقامة اتصالات مع السلطات الانتقالية التي تخضع خطواتها الأولى في الحكم، لمراقبة لصيقة.
أمام تحدي توحيد البلاد وتطلعات العواصم الأجنبية، تعهد قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني الذي بات يستخدم اسمه الحقيقي أحمد الشرع، حلّ الفصائل التي ساهمت في إسقاط بشار الأسد في الثامن من ديسمبر بفضل هجوم مباغت انطلق من شمال سوريا، ودمجها في الجيش.
وفي بيان باسم تحالف الفصائل، قال الجولاني: «سيتمّ حلّ الفصائل وتهيئة المقاتلين للانضواء تحت وزارة الدفاع وسيخضع الجميع للقانون».
ورُفع العلم الفرنسي أمس فوق مبنى سفارة فرنسا في دمشق مع وصول بعثة دبلوماسية أوفدتها باريس للمرة الأولى منذ 12 عاما. وقال الموفد الفرنسي جان-فرنسوا غيوم: «تستعد فرنسا لتقف إلى جانب السوريين» خلال المرحلة الانتقالية.
ومن جهته، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه «مستعد» لإعادة فتح سفارته في العاصمة السورية فيما أقامت الولايات المتحدة اتصالات بهيئة تحرير الشام.
وبعدما تخلت عنه حليفتاه روسيا وإيران، فر بشار الأسد إلى موسكو في الثامن من ديسمبر، بعدما سيطرت فصائل المعارضة المسلحة على دمشق بنتيجة هجوم مباغت وخاطف.
وقد احتفل السوريون بأجواء حماسية بسقوطه بعد 14 عاما على قمع الحراك المؤيد للديمقراطية ما أوقع البلاد في حرب أهلية تحولت إلى نزاع معقد قضى فيه نصف مليون شخص ولجأ ستة ملايين آخرين إلى خارج البلاد.
إلا ان توحيد البلاد المشرذمة بسبب سنوات الحرب الطويلة والتي تنتشر فيها فصائل عدة تدين بولائها لجهات مختلفة وأقليات دينية واتنية، ليس بالمهمة السهلة. وتؤكد هيئة تحرير الشام التي اعلنت فك ارتبطاها بتنظيم القاعدة أنها نأت بنفسها عن الجماعات الإسلامية المتطرفة لكنها تبقى مصنفة «منظمة إرهابية» من جانب الكثير من العواصم الغربية ومن بينها واشنطن.
ورغم اعتمادهم الحذر، يسعى الغربيون إلى التواصل مع السلطة الجديدة لإدراكهم خطر تفكك محتمل للبلاد وعودة ظهور تنظيم داعش الذي لم يتم القضاء عليه بالكامل في سوريا.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إنه ينبغي للاتحاد الأوروبي «تكثيف» علاقاته مع هيئة تحرير الشام معتبرة أيضا أن الاتحاد الأوروبي وحلفاءه «لا يمكنهم السماح بعودة» تنظيم داعش في سوريا.
وخلال لقائه دبلوماسيين بريطانيين في دمشق، أشار أحمد الشرع إلى «ضرورة عودة العلاقات»، مؤكدا في الوقت ذاته «أهمية إنهاء كافة العقوبات المفروضة على سوريا حتى يعود النازحون السوريون في دول العالم إلى بلادهم».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك