العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

يوم الشهيد.. رؤية وطنية

حينما‭ ‬يقدم‭ ‬لك‭ ‬شخص‭ ‬خدمة‭ ‬معينة‭ ‬تقول‭ ‬له‭ ‬‮«‬شكرا‮»‬‭ ‬تقديرا‭ ‬وامتنانا،‭ ‬وبهذا‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬كافأته‭ ‬ورددت‭ ‬إليه‭ ‬الجميل‭.. ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭ ‬بأداء‭ ‬الخدمة‭ ‬بكل‭ ‬جودة‭ ‬وإتقان،‭ ‬وتميز‭ ‬وإصرار،‭ ‬بكل‭ ‬تفاصيلها‭ ‬وبشكل‭ ‬يفوق‭ ‬التوقع،‭ ‬تقوم‭ ‬أنت‭ ‬بالمبالغة‭ ‬في‭ ‬الشكر‭ ‬والإعجاب‭ ‬والثناء،‭ ‬وتشيد‭ ‬بصاحب‭ ‬الخدمة‭ ‬أمام‭ ‬الآخرين‭ ‬وتثني‭ ‬عليه‭ ‬وتشجعهم‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭.. ‬وبذلك‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬رددت‭ ‬إليه‭ ‬الجميل‭ ‬وزيادة‭.‬

ولكن‭ ‬حينما‭ ‬يقوم‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬بتقديم‭ ‬خدمة‭ ‬للوطن،‭ ‬ويكون‭ ‬ثمنها‭ ‬روحه‭ ‬الطاهرة‭ ‬ودماءه‭ ‬الزكية،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬أنت‭ ‬وأسرتك‭ ‬آمنا‭ ‬مستقرا‭.. ‬فإن‭ ‬كلمات‭ ‬الشكر‭ ‬وعبارات‭ ‬الثناء‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬محل‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬مجال‭.. ‬فقد‭ ‬اختلفت‭ ‬الأوزان،‭ ‬وتغيرت‭ ‬كفة‭ ‬الميزان،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تجزي‭ ‬تلك‭ ‬الخدمة‭ ‬بأي‭ ‬كلام‭.‬

تلك‭ ‬هي‭ ‬التضحية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬شهداء‭ ‬الوطن‭ ‬الأبرار‭ ‬الأبطال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وطنهم‭.. ‬فنالوا‭ ‬الشهادة‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الله،‭ ‬وارتقوا‭ ‬إلى‭ ‬مرتبة‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬الجنة،‭ ‬وسجلوا‭ ‬أسماءهم‭ ‬في‭ ‬سجل‭ ‬تاريخ‭ ‬الوطن،‭ ‬وشرفوا‭ ‬أهاليهم‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الحياة،‭ ‬وصعدوا‭ ‬بمكانتهم‭ ‬إلى‭ ‬موقع‭ ‬رفيع‭ ‬لا‭ ‬يصل‭ ‬إليه‭ ‬أحد‭.‬

صباح‭ ‬أمس‭ ‬وفي‭ ‬لقاء‭ ‬بتلفزيون‭ ‬البحرين‭ ‬مع‭ ‬المذيعة‭ ‬الرائعة‭ ‬عبير‭ ‬مفتاح،‭ ‬والمذيع‭ ‬المتميز‭ ‬محمد‭ ‬الشرقاوي،‭ ‬تم‭ ‬استضافتي‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬يوم‭ ‬الشهيد‭ ‬ودلالات‭ ‬الاحتفاء‭ ‬به،‭ ‬ورسائله‭ ‬الوطنية‭.. ‬فأجبت‭ ‬قائلا‭: ‬إن‭ ‬يوم‭ ‬الشهيد‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أعز‭ ‬الأيام،‭ ‬وسيظل‭ ‬محفورا‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الوطن‭ ‬على‭ ‬الدوام،‭ ‬وإن‭ ‬شعب‭ ‬البحرين‭ ‬يحتفي‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة،‭ ‬كما‭ ‬وصفها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬بأن‭ ‬كل‭ ‬شهيد‭ ‬هو‭ ‬ابن‭ ‬لكل‭ ‬بيت‭ ‬بحريني‭ ‬في‭ ‬وطننا‭ ‬الواحد‭ ‬المترابط‭.‬

وإن‭ ‬من‭ ‬دلالات‭ ‬ورسائل‭ ‬يوم‭ ‬الشهيد‭ ‬أنه‭ ‬حظي‭ ‬بلفتة‭ ‬ملكية‭ ‬سامية‭ ‬متزامنة‭ ‬مع‭ ‬احتفالات‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بالأعياد‭ ‬الوطنية،‭ ‬تأكيدا‭ ‬للمكانة‭ ‬العالية‭ ‬التي‭ ‬يحتلها‭ ‬الشهداء‭ ‬في‭ ‬الضمير‭ ‬والوجدان‭ ‬البحريني،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬الصندوق‭ ‬الملكي‭ ‬لشهداء‭ ‬الواجب‭ ‬برئاسة‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬شخصيا،‭ ‬ويتم‭ ‬رعاية‭ ‬شؤون‭ ‬أسر‭ ‬وأبناء‭ ‬الشهداء‭.. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الاحتفاء‭ ‬يوم‭ ‬الشهيد‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الانتماء‭ ‬والولاء‭ ‬للوطن،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬الانتماء‭ ‬الخليجي‭ ‬والعربي،‭ ‬لأن‭ ‬الشهادة‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬العزة‭ ‬والكرامة‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬الوطن‭ ‬والأمة‭.‬

ومن‭ ‬الواجب‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬نستثمر‭ ‬كأفراد‭ ‬ومؤسسات‭ ‬إبراز‭ ‬هذه‭ ‬المناسبات‭ ‬الوطنية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نشر‭ ‬ثقافة‭ ‬التقدير،‭ ‬للعاملين‭ ‬المجدين‭ ‬والمتميزين،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الوطن‭ ‬ومكتسباته،‭ ‬وتطوره‭ ‬ونهضته،‭ ‬والالتزام‭ ‬بقوانينه‭.. ‬فمن‭ ‬قدم‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬كان‭ ‬يأمل‭ ‬أن‭ ‬نرد‭ ‬الجميل‭ ‬والوفاء‭ ‬بدعم‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬الوطن،‭ ‬وضمان‭ ‬تقدمه،‭ ‬لا‭ ‬التفريط‭ ‬فيه‭ ‬ولا‭ ‬تجاوز‭ ‬قوانينه‭.‬

ولطالما‭ ‬قرأنا‭ ‬تلك‭ ‬الآية‭ ‬الكريمة‭ ‬التي‭ ‬نذكرها‭ ‬عند‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الشهداء،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬عند‭ ‬الكلمة‭ ‬الأخيرة‭ ‬فيها،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نتأملها‭ ‬جيدا‭ ‬وندرك‭ ‬تفسيرها‭ ‬الحقيقي،‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬ولا‭ ‬تحسبن‭ ‬الذين‭ ‬قتلوا‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الله‭ ‬أمواتا‭ ‬بل‭ ‬أحياء‭ ‬عند‭ ‬ربهم‭ ‬يرزقون‭ ‬فرحين‭ ‬بما‭ ‬آتاهم‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬فضله‮»‬‭.. ‬فكلنا‭ ‬نفهم‭ ‬أن‭ ‬الشهداء‭ ‬أحياء‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نكمل‭ ‬تفسير‭ ‬الآية‭.. ‬فهي‭ ‬حياة‭ ‬مع‭ ‬الرزق‭.. ‬ومع‭ ‬الفرحة‭.. ‬ومع‭ ‬الفضل‭ ‬الإلهي‭.. ‬رزق‭ ‬لا‭ ‬ينفد‭.. ‬وفرحة‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬لها‭.. ‬وفضل‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬لا‭ ‬ينتهي‭.. ‬ومكرمة‭ ‬وشفاعة‭ ‬لأهاليهم‭ ‬وذويهم‭ ‬في‭ ‬الآخرة‭.‬

تحية‭ ‬إجلال‭ ‬وإكبار‭ ‬وفخر‭ ‬واعتزاز‭ ‬لشهداء‭ ‬الواجب‭ ‬الوطني‭.. ‬وتحية‭ ‬تقدير‭ ‬وامتنان‭ ‬لكافة‭ ‬منتسبي‭ ‬قوة‭ ‬دفاع‭ ‬البحرين‭ ‬ووزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬والحرس‭ ‬الوطني‭.. ‬وتحية‭ ‬عرفان‭ ‬ومحبة‭ ‬لأسر‭ ‬وعائلات‭ ‬الشهداء‭. ‬وهنيئا‭ ‬لكم‭ ‬شهادة‭ ‬أبنائكم‭ ‬فهم‭ ‬فخر‭ ‬للجميع‭.. ‬وقد‭ ‬خلدوا‭ ‬أسماءهم‭ ‬وأسرهم‭ ‬فأصبحوا‭ ‬عزاً‭ ‬لوطنهم‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا