العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عربية ودولية

السوريون في إسطنبول يشعرون كأنهم «ولدوا من جديد» بعد سقوط الأسد

الاثنين ٠٩ ديسمبر ٢٠٢٤ - 02:00

إسطنبول‭ - (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭): ‬احتشد‭ ‬مئات‭ ‬السوريين‭ ‬صباح‭ ‬أمس‭ ‬الأحد‭ ‬أمام‭ ‬المسجد‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الفاتح‭ ‬في‭ ‬إسطنبول‭ ‬حيث‭ ‬يقيم‭ ‬حوالي‭ ‬500‭ ‬ألف‭ ‬من‭ ‬السوريين‭ ‬الذين‭ ‬لجأوا‭ ‬إلى‭ ‬تركيا‭ ‬بعد‭ ‬اندلاع‭ ‬النزاع‭ ‬في‭ ‬بلادهم،‭ ‬معربين‭ ‬عن‭ ‬سعادتهم‭ ‬‮«‬بالتخلص‮»‬‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭. ‬وقال‭ ‬محمد‭ ‬جمعة،‭ ‬وهو‭ ‬طالب‭ ‬سوري‭ ‬وصل‭ ‬من‭ ‬حلب‭ ‬قبل‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭: ‬‮«‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أتصور‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬سيحدث‭ ‬يوما‭ ‬ما،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬ثلاثة‭ ‬قرون‭! ‬لم‭ ‬يتوقع‭ ‬أحد‭ ‬ذلك،‭ ‬إنه‭ ‬نصر‭ ‬كبير‭!‬‮»‬‭. ‬

وأعربت‭ ‬سوسن‭ ‬الأحمد‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحمل‭ ‬ابنها‭ ‬الصغير‭ ‬عن‭ ‬بهجتها‭ ‬العارمة‭ ‬بالقول‭: ‬‮«‬إنه‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يصدق،‭ ‬ينتابنا‭ ‬شعور‭ ‬كأننا‭ ‬ولدنا‭ ‬من‭ ‬جديد‮»‬‭. ‬وتنوي‭ ‬هذه‭ ‬الأم‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬الحصار‭ ‬الشديد‭ ‬الذي‭ ‬فرضته‭ ‬قوات‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬على‭ ‬حمص‭ ‬في‭ ‬2011‭ ‬اصطحاب‭ ‬ابنها‭ ‬‮«‬إلى‭ ‬أرضها‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬انتهاء‭ ‬حكم‭ ‬عائلة‭ ‬الأسد‭. ‬ومن‭ ‬ورائها‭ ‬هتف‭ ‬مئات‭ ‬السوريين‭ ‬تحت‭ ‬المطر‭ ‬الغزير‭ ‬‮«‬الله‭ ‬أكبر‭!‬‮»‬،‭ ‬وهم‭ ‬يلوحون‭ ‬بأعلام‭ ‬الثورة‭ ‬السورية،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬بعضهم‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭ ‬إعدام‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭. ‬

ووسط‭ ‬هذا‭ ‬الصخب‭ ‬الذي‭ ‬تردد‭ ‬صداه‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬مئات‭ ‬الأمتار‭ ‬رفع‭ ‬رجل‭ ‬صورة‭ ‬عبدالباسط‭ ‬الساروت،‭ ‬حارس‭ ‬المرمى‭ ‬السوري‭ ‬السابق‭ ‬الذي‭ ‬أنضوى‭ ‬تحت‭ ‬راية‭ ‬الفصائل‭ ‬المسلحة‭ ‬وقتل‭ ‬في‭ ‬اشتباكات‭ ‬مع‭ ‬قوات‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬2019‭. ‬وأكد‭ ‬إبراهيم‭ ‬المحمد‭ (‬42‭ ‬عاما‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬ملايين‭ ‬سوري‭ ‬لجأوا‭ ‬للعيش‭ ‬في‭ ‬تركيا‭: ‬‮«‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬عيد‭ ‬كبير‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلينا،‭ ‬نحن‭ ‬السوريين‮»‬‭. ‬ووسط‭ ‬مشاهد‭ ‬الفرح‭ ‬يحاول‭ ‬هذا‭ ‬الأب‭ ‬عبثا‭ ‬إخفاء‭ ‬مشاعره‭ ‬وقال‭: ‬‮«‬ابني‭ ‬أصبح‭ ‬معوّقا‭ ‬بسبب‭ ‬الأسد‭. ‬كنا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬حلب‭ ‬وسقطت‭ ‬قنبلة‭ ‬على‭ ‬المبنى‭ ‬المجاور‭. ‬أصيب‭ ‬ابني‭ ‬بصدمة‭ ‬نفسية،‭ ‬وفقد‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الكلام‭. ‬أصبح‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬الثالثة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬وبدأ‭ ‬التحسن‭ ‬قليلا‮»‬‭. ‬

وقال‭ ‬أحمد‭ ‬محمد،‭ ‬وهو‭ ‬مدرس‭ ‬قرآن‭ ‬وصل‭ ‬من‭ ‬حلب‭ ‬قبل‭ ‬أحد‭ ‬عشر‭ ‬عاما‭ ‬إثر‭ ‬انشقاقه‭ ‬عن‭ ‬الجيش‭ ‬السوري‭: ‬‮«‬الحمد‭ ‬لله،‭ ‬لقد‭ ‬تخلصنا‭ ‬من‭ ‬الأسد‮»‬‭. ‬وأضاف‭: ‬‮«‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله،‭ ‬سيقطع‭ ‬رأسه‮»‬‭. ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬يقول‭ ‬محمد‭ ‬جمعة‭ ‬إن‭ ‬مصير‭ ‬الأسد‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يهمني‮»‬‭ ‬مضيفا‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬رحل‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الشيء‭ ‬الرئيسي‭. ‬سواء‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬أو‭ ‬بيلاروس‭ ‬أو‭ ‬فنزويلا،‭ ‬دعوه‭ ‬يرحل‭. ‬على‭ ‬أي‭ ‬حال،‭ ‬سيذهب‭ ‬إلى‭ ‬الجحيم‮»‬‭. ‬ويأمل‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تتّحد‭ ‬سوريا‭ ‬كلها‭ ‬تحت‭ ‬راية‭ ‬واحدة‮»‬،‭ ‬وقدر‭ ‬أن‭ ‬نصف‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬سيعودون‭ ‬إلى‭ ‬ديارهم‭. ‬

وقال‭ ‬طالب‭ ‬الهندسة‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬بوغازيتشي‭ ‬المرموقة‭ ‬في‭ ‬اسطنبول‭ ‬إن‭ ‬سقوط‭ ‬الأسد‭ ‬جعله‭ ‬يعيد‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬أحلامه،‭ ‬موضحا‭: ‬‮«‬حتى‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي،‭ ‬كنت‭ ‬أنوي‭ ‬مواصلة‭ ‬دراسة‭ ‬الماجستير‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬لكنني‭ ‬الآن‭ ‬أعتقد‭ ‬أني‭ ‬قد‭ ‬أفيد‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬إعمار‭ ‬سوريا،‭ ‬لذلك‭ ‬سأعود‭ ‬على‭ ‬الأرجح‮»‬‭. ‬

واحتفل‭ ‬نحو‭ ‬مائة‭ ‬سوري‭ ‬بسقوط‭ ‬نظام‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭ ‬أمس‭ ‬الأحد‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬أحياء‭ ‬برلين‭ ‬الشعبية،‭ ‬مطلقين‭ ‬أبواق‭ ‬السيارات‭ ‬وملوحين‭ ‬بأعلام‭ ‬المعارضة‭ ‬السورية‭. ‬وقال‭ ‬أحمد‭ (‬39‭ ‬عاما‭) ‬الذي‭ ‬فضل‭ ‬عدم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬كنيته‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬سعداء،‭ ‬لقد‭ ‬انتهت‭ ‬الدكتاتورية‭. ‬لقد‭ ‬رحل‭ ‬الأسد‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬هذا‭ ‬التقني‭ ‬في‭ ‬السكك‭ ‬الحديد‭ ‬الذي‭ ‬فر‭ ‬من‭ ‬حلب‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬أن‭ ‬‮«‬جميع‭ ‬السوريين‭ ‬الآن‭ ‬معا‮»‬‭. ‬

وتضم‭ ‬ألمانيا‭ ‬أكبر‭ ‬جالية‭ ‬سورية‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬مع‭ ‬استضافتها‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬منهم‭ ‬بعد‭ ‬بدء‭ ‬النزاع‭ ‬عام‭ ‬2011‭. ‬وقد‭ ‬أثار‭ ‬سقوط‭ ‬الأسد‭ ‬ارتياحا‭ ‬كبيرا‭ ‬بين‭ ‬المشاركين‭ ‬الذين‭ ‬يعيش‭ ‬كثر‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬حي‭ ‬نويكولن‭ ‬الشعبي‭ ‬حيث‭ ‬جرى‭ ‬هذا‭ ‬التجمع‭ ‬العفوي‭ ‬تحت‭ ‬المطر‭. ‬وأعرب‭ ‬أحمد‭ ‬الحلبي‭ (‬27‭ ‬عاما‭) ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬برفقة‭ ‬طفليه‭ ‬عن‭ ‬فرحته‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬أخيرا‭ ‬سقطت‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬الميكانيكي‭ ‬المتحدر‭ ‬من‭ ‬حلب‭: ‬‮«‬قبل‭ ‬عشر‭ ‬سنوات،‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬ورأيت‭ ‬أشياءً‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬لأحد‭ ‬أن‭ ‬يراها،‭ ‬أشياء‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬نسيانها‮»‬‭. ‬واعتبر‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬فر‭ ‬من‭ ‬بلاده‭ ‬عبر‭ ‬تركيا‭ ‬واليونان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الأسد‭ ‬هو‭ ‬أكبر‭ ‬إرهابي‭ ‬يمكن‭ ‬تخيله‮»‬،‭ ‬مضيفا‭: ‬‮«‬آمل‭ ‬أن‭ ‬يحل‭ ‬السلام‭ ‬وأن‭ ‬يتم‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬دمره‭ ‬الأسد‭ ‬وزمرته‮»‬‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا