العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

الاستقرار أساس التنمية المستدامة

بقلم: عدنان أحمد يوسف

الأربعاء ١٣ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

أصدر‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬مؤخرا‭ ‬تقريره‭ ‬حول‭ ‬المستجدات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لمنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬النمو‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬طغى‭ ‬عليه‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬متوقع‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬والضبابية‭ ‬نتيجة‭ ‬الصراع‭ ‬الدائر‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وتشير‭ ‬التنبؤات‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬نمو‭ ‬إجمالي‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الكلي‭ ‬للمنطقة‭ ‬بصورة‭ ‬طفيفة‭ ‬إلى‭ ‬2‭.‬2%‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬بالقيمة‭ ‬الحقيقية،‭ ‬من‭ ‬1‭.‬8%‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬وهو‭ ‬ارتفاع‭ ‬تقوده‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يرتفع‭ ‬معدل‭ ‬النمو‭ ‬من‭ ‬0‭.‬5%‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬إلى‭ ‬1‭.‬9%‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭. ‬وفي‭ ‬بقية‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يتباطأ‭ ‬النمو‭. ‬كما‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يتباطأ‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬المستوردة‭ ‬للنفط‭ ‬من‭ ‬3‭.‬2%‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬إلى‭ ‬2‭.‬1%‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬وأن‭ ‬يتراجع‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬المصدرة‭ ‬للنفط‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬من‭ ‬3‭.‬2%‭ ‬إلى‭ ‬2‭.‬7%‭.‬

لقد‭ ‬تسبب‭ ‬الصراع‭ ‬الدائر‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬خسائر‭ ‬بشرية‭ ‬واقتصادية‭ ‬فادحة،‭ ‬فالأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬على‭ ‬شفا‭ ‬الانهيار‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬إذ‭ ‬تشهد‭ ‬أكبر‭ ‬انكماش‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬بل‭ ‬انكمش‭ ‬اقتصاد‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬بنسبة‭ ‬86%‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬بحسب‭ ‬التقرير،‭ ‬وتواجه‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬أزمة‭ ‬مالية‭ ‬عامة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬تطول‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬أيضاً‭. ‬وفي‭ ‬لبنان‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬وطأة‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الآفاق‭ ‬تشوبها‭ ‬درجة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬والضبابية‭ ‬وسيحدد‭ ‬مسار‭ ‬الصراع‭ ‬شكلها‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬تأثرت‭ ‬بلدان‭ ‬مجاورة‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬الأردن‭ ‬ومصر‭ ‬بتراجع‭ ‬عائدات‭ ‬السياحة‭ ‬وإيرادات‭ ‬المالية‭ ‬العامة‭.‬

ويلقي‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬بظلال‭ ‬كئيبة‭ ‬على‭ ‬مسارات‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬البلدان‭. ‬وتشير‭ ‬التقديرات‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يوجد‭ ‬الصراع‭ ‬لكان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬متوسط‭ ‬نصيب‭ ‬الفرد‭ ‬من‭ ‬الدخل‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬أعلى‭ ‬بنسبة‭ ‬45%‭ ‬في‭ ‬المتوسط‭ ‬بعد‭ ‬7‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬نشوبه،‭ ‬وتعادل‭ ‬هذه‭ ‬الخسارة‭ ‬متوسط‭ ‬التقدم‭ ‬الذي‭ ‬أحرزته‭ ‬المنطقة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الخمسة‭ ‬والثلاثين‭ ‬عاماً‭ ‬الماضية‭.‬

ونخلص‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاستقرار‭ ‬هو‭ ‬بالفعل‭ ‬أساس‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬لذلك‭ ‬تبرز‭ ‬أهمية‭ ‬جهود‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬استقرارها‭ ‬وإبعادها‭ ‬عن‭ ‬شبح‭ ‬التوترات‭ ‬والحروب‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬تخليها‭ ‬عن‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬الدفع‭ ‬بعجلة‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

ويتناول‭ ‬التقرير‭ ‬أيضاً‭ ‬الفرص‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬للبلدان‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تسريع‭ ‬النهوض‭ ‬بالنمو‭ ‬الشامل‭ ‬للجميع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تسريع‭ ‬وتيرة‭ ‬الإصلاحات‭. ‬ويشمل‭ ‬ذلك‭ ‬إعادة‭ ‬التوازن‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص،‭ ‬وتحسين‭ ‬توزيع‭ ‬المواهب‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬وسد‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬في‭ ‬التشغيل،‭ ‬وتشجيع‭ ‬الابتكار‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬المكاسب‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬في‭ ‬مستويات‭ ‬التعليم‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الخمسين‭ ‬عاماً‭ ‬الماضية‭ ‬فإن‭ ‬معدل‭ ‬مشاركة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬يبلغ‭ ‬19%،‭ ‬وهو‭ ‬الأدنى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭. ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬سد‭ ‬فجوات‭ ‬التشغيل‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬ملحوظة‭ ‬بنسبة‭ ‬50%‭ ‬في‭ ‬نصيب‭ ‬الفرد‭ ‬من‭ ‬الدخل‭ ‬في‭ ‬المتوسط‭ ‬في‭ ‬بلدانها‭. ‬كما‭ ‬يشير‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬شمول‭ ‬المرأة‭ ‬كي‭ ‬تزدهر‭ ‬الاقتصادات‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬فلا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تقدما‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬حيث‭ ‬تقوم‭ ‬كافة‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬بتنفيذ‭ ‬رؤى‭ ‬تنموية‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬إعطاء‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬دورا‭ ‬رياديا‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬التنمية،‭ ‬وهذا‭ ‬بدوره‭ ‬سوف‭ ‬يوسع‭ ‬من‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬الوظائف‭ ‬للشباب‭ ‬الخليجي،‭ ‬حيث‭ ‬بات‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا