العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

هويتنا الوطنية في مهرجان للشعر

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ١٠ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء،

أحيانا،‭ ‬حين‭ ‬يضّج‭ ‬فكري‭ ‬بالمواضيع‭ ‬الكثيرة،‭ ‬يتبادر‭ ‬إلى‭ ‬ذهني‭ ‬قرار‭ ‬واحد‭ ‬هو‭ ‬تركها‭ ‬جميعا‭ ‬واللجوء‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬آمنة‭ ‬في‭ ‬فكري‭ ‬أستمد‭ ‬منها‭ ‬طاقة‭ ‬كي‭ ‬أعود‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬زخم‭ ‬الأفكار،‭ ‬واليوم‭ ‬زاحمتني‭ ‬مواضيع‭ ‬عدّة‭ ‬للكتابة‭ ‬عنها،‭ ‬ولكنني‭ ‬وجدت‭ ‬أن‭ ‬الكتابة‭ ‬عن‭ ‬الشعر‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬الأفضل‭ ‬لي‭ ‬ولكم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الكم‭ ‬المُحبط‭ ‬من‭ ‬المواضيع‭ ‬المحيطة‭ ‬بنا‭.‬

وقبل‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬الشعر‭ ‬وهو‭ ‬رافد‭ ‬من‭ ‬روافد‭ ‬الأدب‭ ‬يهمني‭ ‬الوقوف‭ ‬عند‭ ‬النشاط‭ ‬الثقافي‭ ‬الأدبي‭ ‬الجميل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تنقطع‭ ‬موارده‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬ولعل‭ ‬أهم‭ ‬فعالياته‭ ‬الأخيرة‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬مهرجان‭ ‬البحرين‭ ‬للموسيقى‭ ‬بكل‭ ‬التفاصيل‭ ‬والفرق‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬نجاحه‭ ‬وتميزه،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬مهرجان‭ ‬السينما‭ ‬الذي‭ ‬أقيم‭ ‬خلال‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي،‭ ‬وتزامن‭ ‬معه‭ ‬مهرجان‭ ‬الفرق‭ ‬المسرحية‭ ‬الخليجية‭ ‬والذي‭ ‬نظمته‭ ‬اللجنة‭ ‬العليا‭ ‬للفرق‭ ‬المسرحية‭ ‬الخليجية‭ ‬وعُرضت‭ ‬مسرحياته‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬الصالة‭ ‬الثقافية،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬أبداً‭ ‬الدور‭ ‬البارز‭ ‬الذي‭ ‬يلعبه‭ ‬مركز‭ ‬الشيخ‭ ‬إبراهيم‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬للثقافة‭ ‬والبحوث‭ ‬في‭ ‬رفد‭ ‬الثقافة‭ ‬البحرينية‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مميز‭ ‬من‭ ‬نتاج‭ ‬أدبي‭ ‬عربي‭ ‬وعالمي،‭ ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬أبواب‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬ونترقب‭ ‬جميع‭ ‬الفعاليات‭ ‬الثقافية‭ ‬والوطنية‭ ‬والترفيهية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بهذا‭ ‬الشهر‭ ‬المهم‭ ‬لكل‭ ‬بحريني،‭ ‬وننتظر‭ ‬بلهفة‭ ‬مهرجان‭ ( ‬ليالي‭ ‬المحرق‭ ) ‬الذي‭ ‬سيظهر‭ ‬في‭ ‬حلّته‭ ‬الثالثة‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬بتميز‭ ‬أكبر‭ ‬عن‭ ‬سنواته‭ ‬الأولى‭.‬

وعوداً‭ ‬على‭ ‬موضوعنا‭ ‬الأساسي‭ ‬وهو‭ ‬الشعر،‭ ‬ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬الشعر‭ ‬هو‭ ‬عنصر‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية،‭ ‬وهو‭ ‬ديوان‭ ‬العرب،‭ ‬وأن‭ ‬الكلمة‭ ‬تُضاهي‭ ‬السيف‭ ‬حداً‭ ‬ونصلاً‭ ‬وأثراً‭ ‬إن‭ ‬قيلت‭ ‬في‭ ‬موضعها‭ ‬الصحيح‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الصحيح،‭ ‬وفيما‭ ‬يخصّني‭ ‬أهتم‭ ‬كثيراً‭ ‬بالشعر‭ ‬العامي‭ ‬إيماناً‭ ‬بالهوية‭ ‬المحلّية‭ ‬للشاعر،‭ ‬وبدوره‭ ‬في‭ ‬الإسهام‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الموروث‭ ‬اللغوي‭ ‬المحكي،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬مفرداته‭ ‬قابلة‭ ‬للاندثار‭ ‬بفعل‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬وانفتاح‭ ‬الأجيال‭ ‬على‭ ‬اللغات‭ ‬العالمية‭ ‬الحيّة‭ ‬والتي‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬أصبح‭ ‬لغة‭ ‬عالمية‭ ‬أولى،‭ ‬فتراجعت‭ ‬أمامها‭ ‬لغتنا‭ ‬العربية‭ ‬الفصحى،‭ ‬بجانب‭ ‬تراجع‭ ‬اللهجة‭ ‬العامية،‭ ‬فلا‭ ‬حافظنا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬ولا‭ ‬حفظنا‭ ‬تلك،‭  ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬للهجة‭ ‬المحلية‭ ‬موقعها‭ ‬ووقعها‭ ‬المؤثر‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬وهوية‭ ‬الكل،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يتنصل‭ ‬منها‭ ‬أو‭ ‬يُنكرها،‭ ‬فهي‭ ‬أداة‭ ‬تواصله‭ ‬مع‭ ‬أصوله‭ ‬وأقرانه،‭ ‬لذا‭ ‬تستحق‭ ‬التقدير‭ ‬والعناية‭ ‬جنباً‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬العربية‭ ‬الفصحى‭ ‬لغة‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭.‬

وبالحديث‭ ‬عن‭ ‬الشعر‭ ‬العامي‭ ‬أو‭ ‬المحكي‭ ‬أو‭ ‬النبطي،‭ ‬يهمني‭ ‬بيان‭ ‬أنني‭ ‬شخصيًّا‭ ‬أشارك‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭ ‬في‭ ‬مهرجانات‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والخليجية،‭ ‬بعضها‭ ‬يتم‭ ‬تنظيمه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدولة‭ ‬والأخرى‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جمعيات‭ ‬متخصصة‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬الوزارة‭ ‬المختصة‭ ‬ولعل‭ ‬أهمها‭ ‬مؤخراً‭ ‬مهرجان‭ ‬عشتار‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬نظمته‭ ‬جمعية‭ ‬عشتار‭ ‬للثقافة‭ ‬والفنون‭ ( ‬دور‭ ‬الشاعر‭ ‬الأردني‭ ‬الكبير‭ ‬عرا‭ ‬2024‭)‬،‭ ‬وجميعها‭ ‬ناجحة‭ ‬ومتميزة‭  ‬وتبرز‭ ‬الشعر‭ ‬واسم‭ ‬الدولة‭ ‬وشعرائها‭ ‬بصورة‭ ‬جميلة،‭ ‬بينما‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الملحوظ‭ ‬غياب‭ ‬المهرجان‭ ‬الشعري‭ ‬المتخصص‭ ‬بشكل‭ ‬سنوي‭ ‬عن‭ ‬الساحة‭ ‬الشعرية‭  ‬البحرينية،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬ساحة‭ ‬الشعر‭ ‬والأدب‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬سابقاً،‭ ‬والتي‭ ‬يعتز‭ ‬كبار‭ ‬الشعراء‭ ‬بالتحليق‭ ‬في‭ ‬فضاءاتها‭ ‬شعراً‭ ‬،‭ ‬وبأن‭ ‬حضور‭ ‬الشعر‭ ‬فيها‭ ‬لا‭ ‬يعدو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬باجتهادات‭ ‬فردية‭ ‬أو‭ ‬مؤسسية‭ ‬في‭ ‬أضيق‭ ‬الحدود‭ ‬وبحسب‭ ‬الإمكانيات‭ ‬المحدودة،‭ ‬بعكس‭ ‬فيما‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬تنظيم‭ ‬هذا‭ ‬المهرجان‭ ‬بجهود‭ ‬رسمية‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬أو‭ ‬هيئة‭ ‬مختصة‭ ‬تُقدّم‭ ‬المهرجان‭ ‬بصورة‭ ‬تليق‭ ‬بالبحرين‭ ‬ويكون‭ ‬مساحة‭ ‬لإبراز‭ ‬نجوم‭ ‬شعر‭ ‬بحرينية‭ ‬من‭ ‬عقر‭ ‬دارهم‭.‬

لذا‭ ‬فالرسالة‭ ‬موجهة‭ ‬إلى‭ ‬الموقرين‭ ‬في‭ ‬هيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار‭ ‬بأهمية‭ ‬تبني‭ ‬مهرجان‭ ‬شعري‭ ‬يبرز‭ ‬الشعر‭ ‬والشعراء‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬والصلة‭ ‬الوثيقة‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬الموروث‭ ‬الشعبي‭ ‬البحريني‭ ‬وهويّة‭ ‬البحرين‭ ‬الثقافية‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا