العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

شرق و غرب

موقف مشرف للأمم المتحدة... العار لأمريكا

الأحد ٠٧ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

بقلم‭: ‬جيفري‭ ‬دي‭ ‬ساكس‭ ‬{

 

إن‭ ‬التصويت‭ ‬بالإجماع‭ ‬تقريبا‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يوم‭ ‬8‭ ‬ديسمبر‭ ‬2023م‭ ‬والذي‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬فوري‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬هو‭ ‬لحظة‭ ‬شرف‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وعار‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

فمن‭ ‬خلال‭ ‬التصويت‭ ‬لصالح‭ ‬وقف‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬بأغلبية‭ ‬13‭ ‬صوتاً‭ ‬بنعم،‭ ‬وصوت‭ ‬واحد‭ ‬بلا‭ (‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭)‬،‭ ‬وامتناع‭ ‬صوت‭ ‬واحد‭ (‬المملكة‭ ‬المتحدة‭)‬،‭ ‬وضعت‭ ‬الأغلبية‭ ‬العظمى‭ ‬نفسها‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭. ‬لقد‭ ‬وقفت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وحدها‭ ‬ضد‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬مع‭ ‬امتناع‭ ‬صديقتها‭ ‬ومعلمتها‭ ‬الوحشية‭ ‬الإمبراطورية،‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭.‬

لقد‭ ‬كرّم‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أنطونيو‭ ‬جوتيريش‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والكرامة‭ ‬الإنسانية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تفعيل‭ ‬المادة‭ ‬99‭ ‬من‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ودعا‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬القتل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬كمسؤولية‭ ‬أساسية‭ ‬بموجب‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

في‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬يكافح‭ ‬مسؤولو‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ببطولة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إطعام‭ ‬وإيواء‭ ‬وحماية‭ ‬السكان‭ ‬من‭ ‬القنابل‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬حيث‭ ‬قتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬من‭ ‬موظفي‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

إن‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬واضح‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬وحشي‭. ‬لقد‭ ‬عانت‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين،‭ ‬التي‭ ‬اعترفت‭ ‬بها‭ ‬139‭ ‬دولة،‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬وحشية‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭. ‬وقد‭ ‬وصفت‭ ‬منظمة‭ ‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‭ ‬غزة‭ ‬بأنها‭ ‬أكبر‭ ‬سجن‭ ‬مفتوح‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

وبعد‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬قادته‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي،‭ ‬والذي‭ ‬راح‭ ‬ضحيته‭ ‬1200‭ ‬إسرائيلي،‭ ‬بدأت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بتطهير‭ ‬غزة‭ ‬عرقياً‭. ‬ويعتبر‭ ‬المختصون‭ ‬القانونيون‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الحقوق‭ ‬الدستورية‭ ‬تصرفات‭ ‬إسرائيل‭ ‬بمثابة‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭.‬

وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬قُتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬17400‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬غزة،‭ ‬فيما‭ ‬وتم‭ ‬تهجير‭ ‬1.8‭ ‬مليون‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭. ‬ويواجه‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬خطر‭ ‬الموت‭ ‬الوشيك‭. ‬وفي‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬حذر‭ ‬غوتيريس‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬غزة‭ ‬أصبحت‭ ‬مقبرة‭ ‬للأطفال‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬دفعت‭ ‬إسرائيل‭ ‬السكان‭ ‬من‭ ‬شمال‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬الجنوب،‭ ‬ثم‭ ‬غزت‭ ‬الجنوب‭. ‬وطلبت‭ ‬السلطات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬الفرار‭ ‬للنجاة‭ ‬بحياتهم‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬داخل‭ ‬الجنوب،‭ ‬ثم‭ ‬قصفت‭ ‬الأماكن‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬توجيه‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬إليها‭.‬

إن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬حامية‭ ‬لإسرائيل‭. ‬إنها‭ ‬شريك‭ ‬لها،‭ ‬وهي‭ ‬تقوم‭ ‬بتزويد‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بشكل‭ ‬فوري،‭ ‬بالذخائر‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬لارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬قتل‭ ‬جماعي،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تتكلم‭ ‬فيه‭ ‬السلطات‭ ‬الأمريكية‭ ‬عن‭ ‬أرواح‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

ويبرر‭ ‬الرئيس‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬إسحاق‭ ‬هرتسوغ‭ ‬المذبحة‭ ‬بإعلانه‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬مدنيين‭ ‬أبرياء‭ ‬في‭ ‬غزة‭: ‬‮«‬هناك‭ ‬يوجد‭ ‬شعب‭ ‬يتحمل‭ ‬بأكمله‭ ‬المسؤولة‮»‬‭. ‬إن‭ ‬أكبر‭ ‬كذبة‭ ‬تكذبها‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬خيار‭ ‬آخر‭ ‬غير‭ ‬القتل‭ ‬الجماعي‭ ‬لسكان‭ ‬غزة،‭ ‬بهدف‭ ‬إلحاق‭ ‬الهزيمة‭ ‬بحماس‭.‬

إن‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬قد‭ ‬هدأت‭ ‬بسبب‭ ‬غطرستها‭ ‬وتخلت‭ ‬عن‭ ‬حذرها‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬لا‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬حماس‭ ‬تهديداً‭ ‬وجودياً‭ ‬للدولة‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬ولا‭ ‬تمتلك‭ ‬حماس‭ ‬سوى‭ ‬جزء‭ ‬صغير‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬أحداث‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬خطأً‭ ‬أمنياً‭ ‬فادحاً‭ ‬ينبغي‭ ‬تصحيحه‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تشديد‭ ‬الإجراءات‭ ‬الأمنية‭ ‬على‭ ‬الحدود،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬تهديداً‭ ‬وجودياً‭ ‬يبرر‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬الأشكال‭ ‬قتل‭ ‬الآلاف‭ ‬أو‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬الأبرياء‭. ‬وتشكل‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬70‭%‬‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭.‬

إن‭ ‬جنون‭ ‬القتل‭ ‬يقوده‭ ‬نفس‭ ‬السياسيين‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬مسؤولين‭ ‬عن‭ ‬الفشل‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي،‭ ‬والذين‭ ‬يتلاعبون‭ ‬الآن‭ ‬بأعمق‭ ‬مخاوف‭ ‬وهواجس‭ ‬الشعب‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

هناك‭ ‬نقطة‭ ‬أكبر‭ ‬وأهم‭ ‬بكثير‭. ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬تفكيك‭ ‬حماس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬فقط‭. ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أخيراً‭ ‬الالتزام‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وقبول‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬ذات‭ ‬السيادة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والترحيب‭ ‬بفلسطين‭ ‬باعتبارها‭ ‬الدولة‭ ‬العضو‭ ‬رقم‭ ‬194‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

ويتعين‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬تسليح‭ ‬عملية‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وأن‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬حماية‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬ترتكب‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬

بعد‭ ‬مرور‭ ‬ستة‭ ‬وخمسين‭ ‬عاماً‭ ‬على‭ ‬احتلالها‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وبعد‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬المستوطنات‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تنسحب‭ ‬أخيراً‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭.‬

وبمثل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات،‭ ‬يمكن‭ ‬ضمان‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والدول‭ ‬المجاورة‭. ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭ ‬فإن‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬القوات‭ ‬العربية‭ ‬والغربية،‭ ‬سوف‭ ‬تقوم‭ ‬بدورها‭ ‬بتأمين‭ ‬الحدود‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬للفترة‭ ‬الانتقالية‭ ‬اللازمة‭.‬

ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬تدفقات‭ ‬التمويل‭ ‬الدولية‭ ‬إلى‭ ‬المقاتلين‭ ‬المناهضين‭ ‬لإسرائيل‭ ‬سوف‭ ‬تتوقف‭ ‬نتيجة‭ ‬لجهود‭ ‬مشتركة‭ ‬ومنسقة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وأوروبا،‭ ‬وجيران‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭.‬

إن‭ ‬الطريق‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬مفتوح‭ ‬لأن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ (‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إيران‭) ‬أكدت‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬رغبتها‭ ‬القديمة‭ ‬في‭ ‬السلام‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬اتفاق‭ ‬السلام‭ ‬الذي‭ ‬ينشئ‭ ‬فلسطين‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭.‬

إن‭ ‬السبب‭ ‬الحقيقي‭ ‬وراء‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬شنتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬إسرائيل‭ ‬ترفض‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬وتشير‭ ‬إلى‭ ‬المتطرفين‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬وليس‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬السلام‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭.‬

ويعتقد‭ ‬المتطرفون‭ ‬الإسرائيليون،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة،‭ ‬أن‭ ‬الرب‭ ‬وعدهم‭ ‬بكل‭ ‬الأراضي‭ ‬من‭ ‬الفرات‭ ‬إلى‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭. ‬وهذا‭ ‬الاعتقاد‭ ‬سخيف‭. ‬وكما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يوضح‭ ‬التاريخ‭ ‬اليهودي‭ ‬لليهود‭ ‬المتدينين،‭ ‬وكما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يوضحه‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬مجموعة،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬يهودية‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك،‭ ‬لديها‭ ‬‮«‬حق‮»‬‭ ‬غير‭ ‬مشروط‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬أرض‭.‬

لكي‭ ‬يتم‭ ‬ضمان‭ ‬الحقوق‭ ‬واحترامها‭ ‬دوليا‭ ‬في‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬الحكومات‭ ‬أن‭ ‬تلتزم‭ ‬بسيادة‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭. ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬إسرائيل‭ ‬وفلسطين،‭ ‬فإن‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬كما‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬مراراً‭ ‬وتكراراً،‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الدولتين‭ ‬ذات‭ ‬السيادة،‭ ‬إسرائيل‭ ‬وفلسطين،‭ ‬لهما‭ ‬الحق‭ ‬والمسؤولية‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬جنباً‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬في‭ ‬سلام‭ ‬وفقاً‭ ‬لحدود‭ ‬عام‭ ‬1967‭.‬

ولم‭ ‬تضل‭ ‬إسرائيل‭ ‬طريقها‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭  ‬ضلت‭ ‬أكثر‭ ‬منها‭. ‬وكان‭ ‬السبب‭ ‬العميق‭ ‬واضحاً‭ ‬بالنسبة‭ ‬للسيناتور‭ ‬ويليام‭ ‬فولبرايت‭ ‬قبل‭ ‬ستين‭ ‬عاماً،‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬رئيساً‭ ‬للجنة‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‭ ‬بمجلس‭ ‬الشيوخ،‭ ‬وألف‭ ‬كتابه‭ ‬الرائع‭ ‬‮«‬غطرسة‭ ‬القوة‮»‬‭.‬

وأشار‭ ‬فولبرايت‭ ‬إلى‭ ‬الغطرسة‭ ‬باعتبارها‭ ‬السبب‭ ‬العميق‭ ‬وراء‭ ‬حرب‭ ‬أمريكا‭ ‬المتهورة‭ ‬في‭ ‬فيتنام‭ ‬في‭ ‬الستينيات‭. ‬وفي‭ ‬غطرستها‭ ‬المستمرة،‭ ‬تتجاهل‭ ‬الدولة‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمنية‭ ‬الأمريكية‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا‭ ‬إرادة‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭ ‬لأنها‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬الأسلحة‭ ‬والقوة‭ ‬تمكنها‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭.‬

تعتمد‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬العمليات‭ ‬السرية‭ ‬وغير‭ ‬القانونية‭ ‬لتغيير‭ ‬النظام‭ ‬وعلى‭ ‬الحرب‭ ‬الدائمة‭ ‬التي‭ ‬تلبي‭ ‬احتياجات‭ ‬المجمع‭ ‬الصناعي‭ ‬العسكري‭ ‬الأمريكي‭.‬

ولا‭ ‬ينبغي‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نسخر‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تتعرض‭ ‬للعرقلة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬قادت‭ ‬إنشاءها‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬أعظم‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي،‭ ‬فرانكلين‭ ‬ديلانو‭ ‬روزفلت‭.‬

إن‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تؤدي‭ ‬وظيفتها،‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬العالمية،‭ ‬خطوة‭ ‬بخطوة،‭ ‬مع‭ ‬التقدم‭ ‬والانتكاسات‭ ‬والكبوات،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬معارضة‭ ‬الدول‭ ‬القوية،‭ ‬ولكن‭ ‬التاريخ‭ ‬يقف‭ ‬إلى‭ ‬جانبها‭.‬

إن‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬هو‭ ‬اختراع‭ ‬بشري‭ ‬جديد‭ ‬نسبياً،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الإنشاء‭. ‬ومن‭ ‬الصعب‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬القوة‭ ‬الإمبريالية‭ ‬المتعنتة،‭ ‬ولكن‭ ‬يتعين‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحقيقه‭.‬

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬ومدير‭ ‬مركز‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬بجامعة‭ ‬كولومبيا‭ ‬الأمريكية‭. ‬من‭ ‬مؤلفاته‭ ‬‮«‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬جديدة‭: ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الاستثناء‭ ‬الأمريكي‮»‬‭ ‬–‭ ‬‮«‬بناء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجديد‮»‬‭ ‬و«عصر‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‮»‬‭.‬

كومونز

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا