العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

شرق و غرب

الولايات المتحدة فشلت في احتواء الصين

الأربعاء ٢٨ يونيو ٢٠٢٣ - 02:00

‭ ‬بقلم‭: ‬ملفين‭ ‬جودمان

 

نجحت‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬عدة‭ ‬مكاسب‭ ‬دبلوماسية‭ ‬مؤخرا‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬مرورا‭ ‬بالقارة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬كما‭ ‬توطدت‭ ‬العلاقات‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬بكين‭ ‬وموسكو‭ ‬على‭ ‬وقع‭ ‬الحرب‭ ‬الدائرة‭ ‬رحاها‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الزخم‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الصيني‭ ‬يمثل‭ ‬جرس‭ ‬الإنذار‭ ‬لفريق‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬لإدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬بقيادة‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن‭.‬

كشف‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬الملحوظ‭ ‬الذي‭ ‬تحققه‭ ‬الصين‭ ‬عن‭ ‬عيوب‭ ‬ومواطن‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬تنتهجها‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬سياسة‭ ‬عدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬وكذلك‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬لتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭. ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬الأدوات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬عليها‭ ‬قوتنا‭ ‬لا‭ ‬تعمل‭ ‬بالشكل‭ ‬المطلوب‭.‬

استشهد‭ ‬ماوتسي‭ ‬تونج‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬بمثل‭ ‬صيني‭ ‬مأثور‭ ‬عن‭ ‬سلالة‭ ‬هان‭ ‬التي‭ ‬حكمت‭ ‬الصين‭: ‬‮«‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬قطة‭ ‬بيضاء‭ ‬أو‭ ‬قطة‭ ‬سوداء‭. ‬طالما‭ ‬أنها‭ ‬تستطيع‭ ‬اصطياد‭ ‬الفئران،‭ ‬فهي‭ ‬قطة‭ ‬جيدة‮»‬‭. ‬فعل‭ ‬دينج‭ ‬شياو‭ ‬بينج‭ ‬نفس‭ ‬الشيء،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬يستشهد‭ ‬بهذا‭ ‬القول‭ ‬المأثور‭ ‬وبهذا‭ ‬المثل‭ ‬لتبرير‭ ‬التغييرات‭ ‬الجذرية‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الداخلية‭.‬

لقد‭ ‬وضع‭ ‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينج‭ ‬ضمنيًا‭ ‬هذا‭ ‬القول‭ ‬المأثور‭ ‬قيد‭ ‬التنفيذ‭ ‬في‭ ‬علاقات‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬العلاقات‭ ‬السياسية‭ ‬الصحيحة‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬البلدان‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬توجهها‭ ‬الإيديولوجي‭. ‬نتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬تتمتع‭ ‬الصين‭ ‬بعلاقات‭ ‬مستقرة‭ ‬مع‭ ‬معظم‭ ‬أصدقائها‭ ‬وخصومها‭.‬

على‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬خلال‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬الماضي،‭ ‬اعتمدت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بشكل‭ ‬مفرط‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬عدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالدول‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تحبذها‭ ‬سلطات‭ ‬واشنطن‭ ‬أو‭ ‬تتوافق‭ ‬معها‭ ‬لأسباب‭ ‬إيديولوجية‭.‬

كان‭ ‬على‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬الانتظار‭ ‬ست‭ ‬عشرة‭ ‬سنة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬اعتراف‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تطلب‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬تفهم‭ ‬الرئيس‭ ‬روزفلت‭ ‬لعدم‭ ‬جدوى‭ ‬تجاهل‭ ‬الكرملين‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬حلفاء‭ ‬ضد‭ ‬القيادة‭ ‬الجديدة‭ ‬الخطيرة‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭.‬

كان‭ ‬دور‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬محوريًا‭ ‬في‭ ‬تمكين‭ ‬انتصار‭ ‬الحلفاء‭ ‬على‭ ‬ألمانيا،‭ ‬حيث‭ ‬تمركز‭ ‬ثلاثة‭ ‬أرباع‭ ‬الجيش‭ ‬الألماني‭ ‬على‭ ‬الجبهة‭ ‬الشرقية‭ ‬المواجهة‭ ‬للجيوش‭ ‬السوفيتية‭.‬

وبالمثل،‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬الصين‭ ‬أن‭ ‬تنتظر‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬اعتراف‭ ‬دبلوماسي‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ويعود‭ ‬ذلك‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬معارضة‭ ‬سلطات‭ ‬واشنطن‭ ‬للحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭.‬

فتح‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجمهوري‭ ‬ريتشارد‭ ‬نيكسون‭ ‬ومستشاره‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬هنري‭ ‬كيسنجر‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬بكين‭ ‬بدبلوماسية‭ ‬سرية‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬عقد‭ ‬السبعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وأكمل‭ ‬الرئيس‭ ‬الديمقراطي‭ ‬جيمي‭ ‬كارتر‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬عملية‭ ‬ومسار‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالصين‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬السبعينيات‭.‬

كانت‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬أكثر‭ ‬نجاحًا‭ ‬خلال‭ ‬عقد‭ ‬السبعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬لأن‭ ‬جهود‭ ‬ريتشارد‭ ‬نيكسون‭ ‬وجيمي‭ ‬كارتر‭ ‬قد‭ ‬خلقت‭ ‬علاقات‭ ‬أوثق‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وبكين‭ ‬وبين‭ ‬واشنطن‭ ‬وموسكو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬موسكو‭ ‬وبكين‭.‬

نتيجة‭ ‬لتلك‭ ‬النجاحات‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬حصلت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬معاهدة‭ ‬برلين،‭ ‬وأسهمت‭ ‬بقدر‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬إبرام‭ ‬اتفاقيتين‭ ‬رئيسيتين‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭: ‬SALT‭ ‬I‭ ‬ومعاهدة‭ ‬الصواريخ‭ ‬المضادة‭ ‬للصواريخ‭ ‬الباليستية‭.‬

تفتقر‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬حاليًا‭ ‬إلى‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬اثنين‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬خصومها‭: ‬إيران‭ ‬وكوريا‭ ‬الشمالية‭. ‬لدى‭ ‬واشنطن‭ ‬قضايا‭ ‬ثنائية‭ ‬خطيرة‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬طهران‭ ‬وبيونغ‭ ‬يانغ،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬أدلة‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬كلاً‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬وكوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لمواصلة‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬المسألة‭ ‬النووية‭ ‬كفيلة‭ ‬وحدها‭ ‬بأن‭ ‬تقنع‭ ‬سلطات‭ ‬واشنطن‭ ‬بضرورة‭ ‬التشاور‭ ‬والحوار‭ ‬والاعتراف‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬بالخصوم‭.‬

وبينما‭ ‬تعتمد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬لتنفيذ‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬فإننا‭ ‬نجد‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬تعتمد‭ ‬بنجاح‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق‭ ‬أو‭ ‬طريق‭ ‬الحرير‭. ‬

أعطى‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬بكين‭ ‬حضوراً‭ ‬مهماً‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭ ‬وإفريقيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬الجنوبية‭ ‬ومنطقة‭ ‬البحر‭ ‬الكاريبي‭. ‬لقد‭ ‬عدت‭ ‬مؤخرًا‭ ‬من‭ ‬كوستاريكا،‭ ‬حيث‭ ‬ركبت‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬السريع‭ ‬للبلدان‭ ‬الأمريكية‭ ‬الذي‭ ‬بنته‭ ‬إدارة‭ ‬أيزنهاور‭ ‬في‭ ‬الخمسينيات؛‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الصين‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تولت‭ ‬مسؤولية‭ ‬تجديد‭ ‬نظام‭ ‬الطرق‭ ‬السريعة‭ ‬في‭ ‬كوستاريكا‭ ‬اليوم‭.‬

منذ‭ ‬فترة‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الأسبق‭ ‬باراك‭ ‬أوباما،‭ ‬ظلت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تبذل‭ ‬قصارى‭ ‬جهدها‭ ‬للتشويش‭ ‬على‭ ‬التقدم‭ ‬الملموس‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق‭ ‬الصينية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬أي‭ ‬نجاح‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭.‬

لقد‭ ‬لعبت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬ركاب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬دورها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاتهام‭ ‬المتكرر‭ ‬بأن‭ ‬سريلانكا‭ ‬تواجه‭ ‬‮«‬مأزق‭ ‬الديون‮»‬‭ ‬بسبب‭ ‬مستويات‭ ‬الديون‭ ‬المرتفعة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مشاريع‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق‭ ‬التي‭ ‬تنفذها‭ ‬الصين‭.‬

في‭ ‬الواقع‭ ‬أن‭ ‬80‭%‬‭ ‬من‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية‭ ‬لسريلانكا‭ ‬مستحقة‭ ‬لمؤسسات‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف‭ ‬مثل‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬ومستثمري‭ ‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فيما‭ ‬تمثل‭ ‬ديون‭ ‬سريلانكا‭ ‬للصين‭ ‬10‭%‬‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬ديونها‭ ‬الخارجية‭.‬

نادرًا‭ ‬ما‭ ‬تستشهد‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الأمريكية‭ ‬بنجاحات‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق،‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬واضحة‭ ‬تمامًا‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬الحديقة‭ ‬الخلفية‭ ‬للصين‭ - ‬أي‭ ‬الدول‭ ‬العشر‭ ‬في‭ ‬رابطة‭ ‬دول‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭ (‬آسيان‭).‬

في‭ ‬عام‭ ‬2000،‭ ‬بلغت‭ ‬قيمة‭ ‬التجارة‭ ‬الصينية‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬الآسيان‭ ‬29‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬20‭ ‬عامًا،‭ ‬بلغت‭ ‬قيمة‭ ‬تجارة‭ ‬الصين‭ ‬مع‭ ‬الآسيان‭ ‬670‭ ‬مليار‭ ‬دولارًا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬تقريبا‭ ‬ضعف‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الآسيان‭.‬

تجاهلت‭ ‬رابطة‭ ‬دول‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭ ‬جهود‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لتقويض‭ ‬تنفيذ‭ ‬برامج‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق،‭ ‬التي‭ ‬تتضمن‭ ‬حاليًا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬مشروعًا‭ ‬مختلفًا‭. ‬زاد‭ ‬انسحاب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬الشراكة‭ ‬عبر‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬تعمل‭ ‬سلطات‭ ‬بكين‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬تجارتها‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬حيث‭ ‬حلت‭ ‬الصين‭ ‬محل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ (‬EU‭) ‬كأكبر‭ ‬شريك‭ ‬تجاري‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬المكون‭ ‬من‭ ‬ستة‭ ‬أعضاء‭.‬

اعتبارًا‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬كانت‭ ‬تجارة‭ ‬الصين‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬التجارة‭ ‬المشتركة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭. ‬في‭ ‬قمة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ورابطة‭ ‬دول‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬تعهد‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬بتقديم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬150‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬لمساعدة‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والتأهب‭ ‬للأوبئة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الآسيان،‭ ‬وهو‭ ‬مبلغ‭ ‬هزيل‭ ‬لا‭ ‬يقارن‭ ‬مع‭ ‬تعهد‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينغ‭ ‬لعام‭ ‬2021‭ ‬بتقديم‭ ‬مبلغ‭ ‬1‭,‬5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لمساعدة‭ ‬اقتصادات‭ ‬الآسيان‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬فترة‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭. ‬يجب‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬أعضاء‭ ‬فريق‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬لإدارة‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬أن‭ ‬يلاحظوا‭ ‬نجاح‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬منطقة‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭.‬

لقد‭ ‬كررت‭ ‬سلطات‭ ‬بكين‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬حديقتنا‭ ‬الخلفية‭ ‬ومنطقة‭ ‬البحر‭ ‬الكاريبي‭ ‬وأمريكا‭ ‬الجنوبية‭. ‬يحتاج‭ ‬بايدن‭ ‬إلى‭ ‬إدراك‭ ‬أن‭ ‬سعي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لاحتواء‭ ‬الصين‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬الماضية،‭ ‬قد‭ ‬مني‭ ‬بالفشل‭ ‬الذريع‭. ‬

لقد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لوزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬ووكالة‭ ‬التنمية‭ ‬الدولية‭ ‬لاتباع‭ ‬تفكير‭ ‬جديد‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وتقليص‭ ‬التفكير‭ ‬القديم‭ ‬الذي‭ ‬عزز‭ ‬دور‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ (‬البنتاجون‭) ‬في‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭.‬

جدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬صراع‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬45‭ ‬عامًا،‭ ‬أي‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬خاضت‭ ‬الصين‭ ‬حربًا‭ ‬قصيرة‭ ‬مع‭ ‬فيتنام‭ ‬عام‭ ‬1979،‭ ‬وكان‭ ‬مفتاح‭ ‬الاستقرار‭ ‬السلمي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬هو‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭.‬

لا‭ ‬تشكل‭ ‬سياسات‭ ‬الصين‭ ‬الاقتصادية‭ ‬تهديدًا‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬على‭ ‬أي‭ ‬حال‭ ‬فإن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬‮«‬احتواء‮»‬‭ ‬الصين‭ ‬الصاعدة‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬العالم‭. ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬لا‭ ‬تسهم‭ ‬القوى‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تمثل‭ ‬ورقة‭ ‬جيدة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭.‬

كومونز

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا