العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

خاطرة

عبدالرحمن فلاح

حبل الله (تعالى) المتين!

حبل‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬المتين‭ ‬هو‭ ‬وحيه‭ ‬المبارك،‭ ‬الذي‭ ‬أنزله‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬جملة‭ ‬واحدة‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭ ‬الدنيا‭ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬مباركة‭ ‬هي‭ ‬ليلة‭ ‬القدر،‭ ‬وهي‭ ‬خير‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬شهر،‭ ‬وهي‭ ‬ليلة‭ ‬لن‭ ‬يجود‭ ‬الزمان‭ ‬بمثلها،‭ ‬ثم‭ ‬نزل‭ ‬القرآن‭ ‬من‭ ‬السماء‭ ‬الدنيا‭ ‬منجما‭ ‬بحسب‭ ‬الأحداث‭ ‬طوال‭ ‬ثلاثة‭ ‬وعشرين‭ ‬عاما‭.‬

إنه‭ ‬الحبل‭ ‬المتين،‭ ‬والمنهاج‭ ‬السديد‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬تمسك‭ ‬به‭ ‬قوم‭ ‬إلا‭ ‬هدوا‭ ‬إلى‭ ‬الصراط‭ ‬المستقيم،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬واعتصموا‭ ‬بحبل‭ ‬الله‭ ‬جميعًا‭ ‬ولا‭ ‬تفرقوا‭ ‬واذكروا‭ ‬نعمة‭ ‬الله‭ ‬عليكم‭ ‬إذ‭ ‬كنتم‭ ‬أعداءً‭ ‬فألف‭ ‬بين‭ ‬قلوبكم‭ ‬فأصبحتم‭ ‬بنعمته‭ ‬إخوانا‭ ‬وكنتم‭ ‬على‭ ‬شفا‭ ‬حفرة‭ ‬من‭ ‬النار‭ ‬فأنقذكم‭ ‬منها‭ ‬كذلك‭ ‬يبين‭ ‬الله‭ ‬لكم‭ ‬آياته‭ ‬لعلكم‭ ‬تهتدون‭) ‬آل‭ ‬عمران‭ / ‬103‭.‬

إنه‭ ‬الحبل‭ ‬الًممدود‭ ‬من‭ ‬السماء‭ ‬إلى‭ ‬الأرض‭ ‬فيه‭ ‬شفاء‭ ‬لما‭ ‬في‭ ‬الصدور،‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يخلق‭ ‬على‭ ‬كثرة‭ ‬الرد‭ ‬مهما‭ ‬تلاه‭ ‬التالون،‭ ‬ورتله‭ ‬المرتلون،‭ ‬وتدبر‭ ‬آياته‭ ‬وسوره‭ ‬المتدبرون‭. ‬من‭ ‬حكم‭ ‬به‭ ‬عدل،‭ ‬ومن‭ ‬عمل‭ ‬بأوامره‭ ‬ونواهيه‭ ‬صلح‭ ‬حاله‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬والآخرة‭. ‬إنه‭ ‬كتاب‭ ‬لا‭ ‬ينتهي‭ ‬عطاؤه،‭ ‬ولا‭ ‬ينضب‭ ‬معينه،‭ ‬من‭ ‬جعل‭ ‬تعاليمه‭ ‬أمامه‭ ‬قاده‭ ‬إلى‭ ‬الجنة،‭ ‬ومن‭ ‬جعلها‭ ‬خلف‭ ‬ظهره،‭ ‬وأهمل‭ ‬العمل‭ ‬بأوامره‭ ‬ونواهيه‭ ‬قاده‭ -‬والعياذ‭ ‬بالله‭ - ‬إلى‭ ‬النار‭. ‬

إن‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭(‬المعجز‭) ‬نجاتنا،‭ ‬وفلاحنا،‭ ‬ونستطيع‭ ‬أن‭ ‬نحقق‭ ‬به‭ ‬سعادة‭ ‬الدارين‭: ‬الدنيا‭ ‬والآخرة‭. ‬وهو‭ ‬منهاج‭ ‬حياتنا‭ ‬لا‭ ‬تستقيم‭ ‬الحياة‭ ‬إلا‭ ‬به،‭ ‬فيه‭ ‬نبأ‭ ‬الأولين،‭ ‬وخبر‭ ‬الآخرين،‭ ‬وفيه‭ ‬أنباء‭ ‬المستقبل،‭ ‬وإشارات‭ ‬علمية‭ ‬من‭ ‬تدبرها‭ ‬كشفت‭ ‬له‭ ‬حجب‭ ‬الغيب،‭ ‬وأعانته‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬حياته‭ ‬وارتقائها‭. ‬كتاب‭ ‬جمع‭ ‬بين‭ ‬الشرعة‭ ‬والمنهاج‭ ‬والمعجز،‭ ‬ولَم‭ ‬تجتمع‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬الثلًاثة‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬قبله،‭ ‬ولن‭ ‬تجتمع‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬بعده‭. ‬إنه‭ ‬الحبل‭ ‬المتين،‭ ‬وكيف‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬كذلك‭ ‬وطرفه‭ ‬الأول‭ ‬بيد‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬والطرف‭ ‬الآخر‭ ‬مدلى‭ ‬في‭ ‬السماء‭ ‬من‭ ‬تمسك‭ ‬به‭ ‬نجا،‭ ‬وتحقق‭ ‬له‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتمنى،‭ ‬ومن‭ ‬أعرض‭ ‬عنه‭ ‬فإن‭ ‬له‭ ‬معيشة‭ ‬ضنكا،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬قال‭ ‬اهبطا‭ ‬منها‭ ‬جميعًا‭ ‬بعضكم‭ ‬لبعض‭ ‬عدو‭ ‬فإما‭ ‬يأتينكم‭ ‬مني‭ ‬هدى‭ ‬فمن‭ ‬اتبع‭ ‬هداي‭ ‬فلا‭ ‬يضل‭ ‬ولا‭ ‬يشقى‭(‬123‭) ‬ومن‭ ‬أعرض‭ ‬عن‭ ‬ذكري‭ ‬فإن‭ ‬له‭ ‬معيشة‭ ‬ضنكا‭ ‬ونحشره‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭ ‬أعمى‭(‬124‭) ‬قال‭ ‬رب‭ ‬لم‭ ‬حشرتني‭ ‬أعمى‭ ‬وقد‭ ‬كنت‭ ‬بصيرًا‭(‬125‭) ‬قال‭ ‬كذلك‭ ‬أتتك‭ ‬آياتنا‭ ‬فنسيتها‭ ‬وكذلك‭ ‬اليوم‭ ‬تنسى‭(‬126‭) ‬سورة‭ ‬طه‭. ‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬كتاب‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬تعهد‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬بحفظه،‭ ‬والدفاع‭ ‬عنه،‭ ‬وبه‭ ‬تحدى‭ ‬أرباب‭ ‬البلاغة‭ ‬والبيان‭ ‬من‭ ‬فصحاء‭ ‬العرب‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يقيمون‭ ‬المهرجانات‭ ‬الأدبية،‭ ‬ويحتفلون‭ ‬بالنابهين‭ ‬من‭ ‬شعراء‭ ‬العرب،‭ ‬والتي‭ ‬تعمل‭ ‬لهم‭ ‬المسابقات‭ ‬الشعرية‭ ‬ومن‭ ‬يفوز‭ ‬منهم‭ ‬تعلق‭ ‬قصيدته‭ ‬على‭ ‬أستار‭ ‬الكعبة‭ ‬المشرفة‭ ‬تكريمًا‭ ‬للقصيدة‭ ‬ولنظامها‭ ‬حتى‭ ‬سميت‭ ‬هذه‭ ‬القصائد‭ ‬بـ‭(‬المعلقات‭ ‬السبع‭) ‬وكون‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬المعجز‭ ‬ينزل‭ ‬بلغة‭ ‬العرب،‭ ‬فهذا‭ ‬دليل‭ ‬لا‭ ‬يلحقه‭ ‬الشك‭ ‬في‭ ‬عظم‭ ‬مكانة‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وشموخها‭ ‬على‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬اللغات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لن‭ ‬ينالها‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬خلوده‭.‬

إقرأ أيضا لـ"عبدالرحمن فلاح"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا