العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

السياحي

حي سعودي عمره أكثر من ألف عام

الأربعاء ٠٣ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬تبدو‭ ‬جدة‭ ‬مثل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬الحديثة‭ ‬الأخرى،‭ ‬من‭ ‬مراكز‭ ‬التسوق‭ ‬المزدحمة‭ ‬والزاخرة‭ ‬بالعلامات‭ ‬التجارية‭ ‬العالمية‭ ‬الفاخرة،‭ ‬إلى‭ ‬ثقافة‭ ‬المقاهي‭ ‬النابضة‭ ‬بالحياة،‭ ‬ومنطقة‭ ‬ساحلية‭ ‬يمكن‭ ‬السير‭ ‬فيها‭ ‬حيث‭ ‬تجتمع‭ ‬العائلات‭ ‬خلال‭ ‬عطلات‭ ‬نهاية‭ ‬الأسبوع‭.‬

ولكن‭ ‬القلب‭ ‬النابض‭ ‬لهذه‭ ‬المدينة،‭ ‬حي‭ ‬البلد،‭ ‬وعمره‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬عام،‭ ‬تم‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليه‭ ‬بإتقان‭ ‬ليكون‭ ‬بمثابة‭ ‬تذكير‭ ‬بتاريخ‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ - ‬وتحديداً‭ ‬دور‭ ‬جدة‭ ‬كنقطة‭ ‬دخول‭ ‬رئيسية‭ ‬للحجاج‭.‬

ويقول‭ ‬شون‭ ‬فولي،‭ ‬وهو‭ ‬أستاذ‭ ‬متخصِّص‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والتاريخ‭ ‬الإسلامي‭ ‬بجامعة‭ ‬ولاية‭ ‬تينيسي‭ ‬الوسطى‭: "‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬هي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬البلدان‭ ‬جاذبية‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬إنها‭ ‬دولة‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭. ‬إنها‭ ‬دولة‭ ‬مرتبطة‭ ‬بأفريقيا‭. ‬ويمكن‭ ‬رؤية‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬حي‭ ‬البلد‭".‬

ويُضيف‭ ‬أنها‭ "‬مكان‭ ‬تقاطع‭ ‬ثقافي‭ ‬فريد‭ ‬من‭ ‬نوعه،‭ ‬يشبه‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬سنغافورة،‭ ‬أو‭ ‬هونغ‭ ‬كونغ‭. ‬إنها‭ ‬مدينة‭ ‬ساحلية‭".‬

وقبل‭ ‬قرون‭ ‬من‭ ‬ظهور‭ ‬مواقع‭ ‬حجز‭ ‬رحلات‭ ‬السفر‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬ووصول‭ ‬الحافلات‭ ‬السياحية‭ ‬التي‭ ‬تعج‭ ‬بالمصطافين‭ ‬الذين‭ ‬يحملون‭ ‬عصي‭ ‬التصوير‭ ‬الذاتي‭ ‬لالتقاط‭ ‬صور‭ "‬السيلفي‭"‬،‭ ‬كانت‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬مدينة‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬بمثابة‭ ‬مركز‭ ‬جذب‭ ‬سياحي‭ ‬حقيقي‭.‬

وتتمثل‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬سمات‭ ‬المباني‭ ‬في‭ ‬حي‭ "‬البلد‭" ‬في‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬التشبيك‭ ‬الخشبي‭ ‬المعقد‭ ‬المعروف‭ ‬باسم‭ ‬الرواشين‭.‬

ولم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬الأغطية‭ ‬الخشبية‭ ‬للنوافذ‭ ‬والشرفات‭ ‬مشهورة‭ ‬لأسباب‭ ‬جمالية‭ ‬فقط‭ - ‬رغم‭ ‬جمال‭ ‬تصاميمها‭ ‬المعقّدة‭ ‬التي‭ ‬تتضمن‭ ‬أشكال‭ ‬الدوائر،‭ ‬ورسومات‭ ‬الهلال،‭ ‬والسهام،‭ ‬والنجوم،‭ ‬وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬تُطلى‭ ‬بدرجات‭ ‬اللون‭ ‬الأزرق‭ ‬أو‭ ‬الأخضر‭.‬

وببساطة،‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الراواشين‭ ‬عملية‭ ‬لحياة‭ ‬الصحراء،‭ ‬حيث‭ ‬حجبت‭ ‬أشعة‭ ‬الشمس‭ ‬الحارقة‭ ‬خلال‭ ‬النهار،‭ ‬وسمحت‭ ‬بدخول‭ ‬الهواء‭ ‬العليل‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصميمها‭ ‬الذي‭ ‬يتميز‭ ‬بالفتحات‭ ‬والشرائح‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬جمالها،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الراواشين‭ - ‬التي‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬مواد‭ ‬فاخرة‭ ‬غير‭ ‬متوفرة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ - ‬تُعد‭ ‬أمثلة‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬جدة‭ ‬الحيوية‭.‬

ويشرح‭ ‬جيمس‭ ‬باري،‭ ‬مؤلف‭ ‬كتاب‭ "‬جدة‭ ‬البلد‭" ‬أن‭ "‬ما‭ ‬جعل‭ ‬جدة‭ ‬غنية‭ ‬جدًا‭ ‬هي‭ ‬التجارة‭ ‬عبر‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬إلى‭ ‬مصر،‭ ‬التي‭ ‬شكّلت‭ ‬سوقًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬للغاية‭". ‬

ويضيف‭: "‬لذلك،‭ ‬كان‭ ‬تجار‭ ‬جدة‭ ‬مثل‭ ‬الوسطاء،‭ ‬وأصبحوا‭ ‬أثرياء‭ ‬للغاية‭ ‬وبنوا‭ ‬لأنفسهم‭ ‬منازل‭ ‬فخمة،‭ ‬مزينة‭ ‬بمواد‭ ‬باهظة‭ ‬الثمن،‭ ‬بكميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الخشب‭ ‬المستورد‭ ‬الساج‭ ‬والماهوجني‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬آسيا،‭ ‬والهند،‭ ‬وأيضًا‭ ‬بعضه‭ ‬من‭ ‬شرق‭ ‬أفريقيا‭".‬

ولفترة‭ ‬طويلة،‭ ‬كانت‭ ‬المدينة‭ ‬محاطة‭ ‬بالأسوار،‭ ‬ومع‭ ‬انتقال‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬جدة،‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬أصبحت‭ ‬المساحة‭ ‬مشكلة‭. ‬وكان‭ ‬أحد‭ ‬الحلول‭ ‬يتمثل‭ ‬بالاستمرار‭ ‬في‭ ‬البناء‭ ‬للأعلى،‭ ‬لذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬منازل‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ثمانية‭ ‬أو‭ ‬تسعة‭ ‬طوابق‭.‬

أما‭ ‬أحد‭ ‬أقدم‭ ‬وأشهر‭ ‬المنازل،‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬تعود‭ ‬ملكيته‭ ‬سابقًا‭ ‬لعائلة‭ ‬ناصيف،‭ ‬والآن‭ ‬تعود‭ ‬ملكيته‭ ‬للحكومة‭ ‬السعودية‭ ‬وتحوّل‭ ‬إلى‭ ‬متحف،‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مجرد‭ ‬منزل‭ ‬مرتفع،‭ ‬فسلّمه‭ ‬الداخلي‭ ‬واسع‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬لنقل‭ ‬المياه‭ ‬إلى‭ ‬الطوابق‭ ‬العليا‭ ‬بواسطة‭ ‬الإبل‭.‬

ومن‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬السابع،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬سبب‭ ‬وجيه‭ ‬لتقسيم‭ ‬المباني‭ ‬إلى‭ ‬منازل‭ ‬أو‭ ‬غرف‭ ‬متعددة،‭ ‬أي‭ ‬السياح‭.‬

وكان‭ ‬ذلك‭ ‬عندما‭ ‬أمر‭ ‬الخليفة‭ ‬عثمان‭ ‬بن‭ ‬عفان‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬جدة‭ ‬الميناء‭ ‬الرسمي‭ ‬للحجاج‭ ‬الذين‭ ‬يقصدون‭ ‬مدينة‭ ‬مكة‭. ‬وتقع‭ ‬المدينة‭ ‬المنورة،‭ ‬ثاني‭ ‬أقدس‭ ‬الأماكن‭ ‬لدى‭ ‬المسلمين،‭ ‬على‭ ‬مقربة‭ ‬منها‭ ‬أيضا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا